وفي آخر يوم الاثنين وصل قاصد من جدة وأخبر أنه وصل لأبحر ستة جلاب من الطور وجلبتان من سواكن، وأشيع وصول خير بك المعمار للطور وأنه توجه للمدينة وما ظهر لهذه الاشاعة حقيقة.
وفي يوم الثلاثاء تاسع عشر الشهر سمعنا بمكة عن بعض الواصلين من الطور أن ابن شمس والد عبد المعين نائب كاتب السر طلبه السلطان أن يعمل في دار الضرب (١) فامتنع فجعل عليه السلطان ثلاثين ألفا فشنق نفسه في بعض الليالي فطلع ولده للسلطان بمفاتيح بيته ودكانه فقال خذهم وجيئني بالذي عليه وهو الثلاثون ألفا، وأن القاضي جلال الدين بن الحنبلي طلب منه السلطان ثلاثين ألفا من مال قانصوة خمسمائة وهو في الترسيم.
وفي هذا اليوم يوم الجمعة ثاني عشر الشهر مات المعلم الثاني حسين بن عمر بن حسين المكي، وصلى عليه بعد صلاة الجمعة عند باب الكعبة ودفن بالمعلاة على أبيه أو عنده، عوضه الله ووالدته خيرا وخلفها وأخوين له.
وفي آخر يوم الخميس حادي عشر الشهر دخل مكة صاحبها السيد قايتباي بن محمد بن بركات وبعض أخوته.
(١) دار الضرب: اسم أطلقه العرب المسلمون في مصادرهم التاريخية على المكان الذي كانت تصك فيه السبيكة المعدنية، التي كانت تصنع منها النقود، وهي إما من الذهب أو الفضة أو النحاس أو البرونز. أمّا في العهد العثماني فقد عبر عنه بلفظ: ضربخانة وأصل التسمية مأخوذ من خلال طرق السبيكة المعدنية على قوالب خاصة من المعدن شديد الصلابة، حتى تنطبع عليها النقوش والرسوم المحفورة على القوالب، ومع أن صك العملات أصبح يتم فيما بعد بطريقة السبك أو الصب، إنما بقي لفظ: الضرب لفظا اصطلاحيا للدلالة على صناعة العملات عبر مختلف العصور. انظر: المقريزي: الخطط ٢/ ٢٨٦ - ٢٨٧. النهروالي: البرق اليماني، ص ٧٧. أحمد عطية الله: القاموس الإسلامي ٤/ ٣٩٩.