للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصنفا في القهوة وأنها حرام ومضرة بالأبدان، وأوقف جماعة من العلماء منهم الشيخ عبد النبي المغربي الساكن بالشام، والشيخ شمس الدين محمد بن النجمي الحنفي، والشيخ عبد الله أبو كثير الحضرمي وغيرهم، وكتبه بعضهم فتشوش شربه القهوة خصوصا الشيخ نور الدين بن ناصر الواعظ، فتوجه هو وبعض شربتها وهو الشريف العجمي المجنون [المكشوف] (١) الرأس وألبسه قميصا نظيفا وعمامة إلى الأمير الباش خير بك المعمار وكلموه فيها وأنها جائزة، وتوجه الشريف معه ببعض كتب على مذهب الحنفية، ثم اجتمع الشيخ نور الدين، والشيخ عبد النبي، وابن النجمي، وأظهر الشيخ نور الدين فيها مصنفا بأنها تسكر وتضر بالبدن، واتفقوا على ذلك فاجتمعوا أو بعضهم بالأمير الباش وبينوا له الأمر فيها، واجتمع ابن النجمي بالحنفي المرشدي (٢) وأحضر عنده من شهد بأنها تسكر وتضر بالبدن، ثم أن بعض الأجناد عمل مولد بالمسجد بقرب بيت الأمير ليلة الجمعة ثالث عشري الشهر، وبعد الفراغ [جاءوا] (٣) بدوارق قهوة ومركنا (٤) ومزيديا وجلس الفقراء الذين حضروا المولد يشربون فاتفق مرور الباش عليهم وهم كذلك فضرب المملوك وقبض عليه وحبسه، وضرب من حضر من الفقراء وتهججوا (٥)، فأرسل الأمير إلى القاضيين الشافعي والمالكي فحضر إليه في الليل الشافعي وابن المالكي، ثم بعد الصبح طلب الأمير كلا من القاضيين


(١) وردت الكلمة في الأصل "المكسوف" والتعديل من (ب) لسياق المعنى.
(٢) هو نسيم الدين المرشدي، وصفه الجزيري بأنه دين خير كان لطيف العبارة لا يتكلم إلا بالنحو، ولي قضاء الحنفية بمكة سنة ٩١٦ هـ. انظر: الجزيري: الدرر الفرائد، ص ٧٩٤.
(٣) وردت الكلمة في الأصل "جا" والتعديل من (ب) لسياق المعنى.
(٤) المركن: الإجانه توضع فيها القهوة. انظر: الجزيري: عمدة الصفوة في حل القهوة، ص ٦١.
(٥) تهججوا: أي تفرقوا، ويبدو أنها من اللغة الدارجة التي كان يستعملها أهل مكة. انظر: ابن منظور: لسان العرب، ١٥/ ٢٩ مادة (هجج).