للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقوله، ثم كتب محضران بصورة الواقعة وأخذ على أحدهما خط القضاة، وأنشد الناس في الفريقين، والله يجزي الساعي في تركها خيرا فإنها كانت يجتمع الناس عليها نهارا بالشوارع، وتشرب كما تشرب الشربة (١)، ويضرب عليها بالدف وصارت موعدا ومجتمعا للفساق، وكذا تركت في جدة وكانت تخمر الجمعة والجمعتين والشهر وأكثر، ويقال: أنها يخلط فيها الحشيش وصار أهل الخمر يعملونها فيدخل لهم بقصدها والقصد الخمر (٢).

وفي يوم الثلاثاء سابع عشري الشهر سافر قاضي القضاة الشافعي صلاح الدين ابن ظهيرة، ومعه أخوه وخادمه أبو القاسم بن محمد بن مسعود إلى جدة.


(١) الشربة: من ألوان الطعام التي عرفها العرب، والشوربا لفظ فارسي معناه: حساء مصنوع من الأرز أو الخضار أو القمح. انظر: محمد التونجي: المعجم الذهبي، ص ٣٨٠.
(٢) يشير المصنف إلى موضوع الخلاف بين علماء وفقهاء مكة في حل القهوة أو حرمتها، ويبدو من سياق الأحداث أن نبرة المنادين بالحرمة كانت عالية لأن الناس كانوا يطحنونها ويخمرونها حتى تسكر ويجتمعون حول شربها في مجالس يلعبون فيها، ولذا كتب محضر بشأن القهوة في مكة المكرمة وذكر فتاوى العلماء وذوي المعرفة، ويوجد نص لهذا المحضر في كتاب "عمدة الصفوة في حل القهوة" للجزيري. تحقيق: عبد الله الحبشي. ولقد اشتمل المحضر على العناصر الآتية:
ديباجة المحضر، وأنه كتب في عهد الجناب العالي خاير بك المعمار ناظر الحسبة الشريفة بمكة وباش المماليك السلطانية فيها، وتاريخ توقيعه وهو يوم الجمعة ٢٣ من ربيع الأول سنة ٩١٧ هـ، واعتبر الأميران أن التكلم في موضوع القهوة من تبعات وظيفة الحسبة، وممن حضر الاجتماع قاضي القضاة النجمي المالكي، والشيخ شهاب الدين، والشيخ عفيف الدين الحضرمي الشافعي، وعبد النبي المغربي، كما حضر من الأطباء الشيخ نور الدين الكازروني وأخيه علاء الدين وهما الطبيبان المعالجان للشريف بركات وأخيه قايتباي، وكانت نتيجة الاجتماع مما صدر في نهاية المرسوم أن شرب القهوة على الشكل الذي وصف به حرام بإجماع الحاضرين، ولما تم الأمر على ذلك أشهر النداء بمكة بالمنع من تعاطي القهوة. انظر: الجزيري: عمدة الصفوة في حل القهوة، ص ٥٩ - ٦٣.