وفي عشاء ليلة الاثنين حادي عشر الشهر مات الخواجا محمد بن القاضي أبي اليمن محمد بن علي النويري المكي العقيلي، وصلى عليه بعد صلاة الصبح قريبه الخطيب محب الدين النويري ودفن بالمعلاة على والده بتربة سلفهم ﵏ وإيانا.
وفي آخر يوم الخميس رابع عشر الشهر وصل إلى مكة الشريف قايتباي بن محمد صاحب مكة من الوادي وبقي إلى أول ليلة السبت سادس عشر الشهر وعاد إلى الوادي.
وفي يوم الأربعاء عشري الشهر نادى منادي الأمير الباش أن لا يعمر أحد بمكة عمارة ولا يبيع النورة، ومن فعل شيئا من ذلك شنق على باب داره، وكان الشهابي أحمد بن عثمان الجيار تعلق في هذه السنة على صنعة والده ودولب مصنعا فتعلق عليه جماعة الأمير وهو وطلبوا منه مبلغ خمسين دينارا إن كنت تدولب، فجاء للأمير بشفاعة من الشريف ومن البقيري فسكتوا عنه، ودولب مصنعين ثم الثالث وكان دهنهم به، فلما كان ثاني يوم المناداة أرسل الأمير حميره وجماله وأخذ جميع المصنع وكان قد غربل وما بقي إلا أن يفرق لأربابه في هذا اليوم، وأخذ حجارة لمصنع كان قد جمعها وحطبها فأخذ الحجر والحطب أيضا، وأرسل لأحمد بن عثمان صاحب المصنع فلما حضر قال له كيف تخالف الأمر فقال ما ناديتم إلا البارحة وهذا فأبى عثمان أياما وما بعث شيئا ثم ضربه خمس نوب أربعة على مقعده والخامسة تحت رجليه، وحبسه من أول النهار إلى الليل ثم أطلقه، وعند الله تجتمع الخصوم وضاع حقه وحق المسلمين (١).
(١) يشير المصنف إلى بعض القوانين الإدارية التي تنظم حركة البناء والعمارة في المجتمع من ناحية، وبناء المصانع المنتجة لبعض مواد البناء من ناحية أخرى، ويبدو من النص أن قوانين البناء كانت شديدة ومن يخالفها تكون عقوبته الموت، كما أن من يتخذ مصنعا من دون ترخيص يتم عقابه والقوانين في حد ذاتها مفيدة للتنظيم في مكة، ولكننا نتعجب من قسوة العقاب!.