للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم في ثاني يوم الجمعة سلخ صفر جاء الخبر من جدة أن الفرنج استقوا من كمران فتشوش الناس لذلك كثيرا، ثم في ثانيه جاء الخبر من جدة بأن الفرنج أحرقوا ساحل جازان وأنهم يطلبون الباش والمماليك ينزلون لجدة فنادي الأمير للمماليك أنهم يتوجهوا معه في هذا اليوم إلى جدة ولم يصح، وسمعنا أن مركب الخواجا قاسم الشرواني وصل لجدة من دابول، وأخبر بأربعة من الهند، والله أعلم ثم تبين أنه لم يصل إلا بعد.

وفي يوم الجمعة أيضا أمر الأمير الباش الأئمة أن يقنتوا (١) في الصلوات كلها فأجاب الشافعي وفعل، وكذا الحنبلي، وأما الحنفي والمالكي فقالا ليس هو مذهبنا فأعفاهما، وكان أول القنوت في عصر يوم الجمعة.


= ودخل بعضهم المدينة، ففاجأهم أهل عدن وخرجوا لهم من باب مكسور كان في السور وقتلوا من الفرنج جمعا كثير، وأسروا أربعة منهم حتى أيقن البرتغاليون باستحالة دخولهم عدن فأحرقوا السفن التي كانت في الميناء وكانت فوق الأربعين، ثم ساروا إلى باب المندب ثم إلى المخا ومروا بها إلى البقعة، ولكنهم فشلوا في دخول هذه المواني، إذ كان الأهالي وعساكر السلطان يتربصون بهم فساروا إلى الحديدة التي فشلوا في دخولها أيضا، ثم ساروا إلى جزيرة كمران فدخلوها في أوائل شهر صفر ونهبوا ما فيها وقتلوا من وجدوه فيها من رجال الدولة، ومنهم الشريف محمد بن عبد العزيز ابن علي بن سفيان، وابن أحمد الفضي وغيرهم، ثم حاولوا دخول الحورة فلما نزلوا إليها وجدوا عساكر السلطان ترقبهم بها، فانهزموا ورجعوا إلى البحر خائبين. انظر: ابن الديبع الشيباني: الفضل المزيد على بغية المستفيد، ص ٢٦١ - ٢٦٢. محمد بن عبد الله مخرمه: قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، "مخطوط" ج ٣، ورقة ١٩٤ أ. محمد بن عمر بافقيه: تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر، ص ١٠٢. عيسى بن لطف الله بن المطهر: روح الروح فيما حدث بعد المائة التاسعة من الفتن والفتوح، ص ٢٢٦ - ٢٣٠.
(١) قنت يقنت: ذل وخضع لسيده، وقنت المؤمنين بالله: أطاعه وأقر له بالعبودية. وقنت في صلاته: خشع واطمأن، قال الله تعالى: ﴿ … وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ﴾. والقنوت: هو الطاعة والدعاء والقيام والخشوع، والمشهور هو الدعا. انظر: الشوكاني، نيل الأوطار ٢/ ٣٤١. محمود عبد المنعم: معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية ٣/ ١٢٠.