للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي ليلة الأربعاء خامس الشهر دخل مكة أمير الشامين شنطباي (١) [حاجب] الحجاب بدمشق وطاف وسعى وعاد للزاهر، وفي صبيحتها خرج للقائه السيد الشريف الزينى بركات، وولده أبو نمي وعسكره إلى الزاهر، فخلع عليهما ودخلوا إلى الأبطح ففارقهما الأمير هناك وعادا وعسكرهما لمكة.

وكانت الوقفة يوم الأحد، وكان الحج هينا، إلا أنه أتفق لما نفر الناس من عرفة تسابق جملا المحملين الشامي والمصري فسبق جمل الشاميين فشق على المصريين فعقروا جمل الشاميين ثم قتلوه، فجاء أمير الأول ووقف عنده وجاء بجمل من عنده فيما سمعنا وحملوا محمل الشاميين، ويقال: أنهم شكوا على أمير المحمل فلم يشكهم بل يقال أنه كان حاضرا، ثم في صباحية يوم الاثنين جاء أمير الشاميين بحمله إلى أمير المصريين وقال له أرجع به معك ما أرجع به أنا فإن المحملين للسلطان والذي فعل ما هو إلا في السلطان، ثم أن الشريف بركات بن محمد تكلم مع أمير الشامي ليعود بمحمله كما جاء به ويخبر السلطان بما أتفق فأعيد المحمل إلى منزله، وتردد للأمير الشامي الشريف عرار حتى ذهب به لأمير الحاج المصري فألبسه خلعه وذهب بها إلى محطته فلما وصل ألبسها لمملوك أمير الحاج المصري (٢).


(١) هكذا في الأصول. وفي مفاكهة الخلان، ص ٣٠٦ "صنطباي" أمّا في حوادث الزمان ووفيات الشيوخ والأقران لابن الحمصي، ج ٢، ص ٣٥١، وفيه: "سنطباي". وكان خروج الحاج الشامي من دمشق يوم السبت العشرين من شوال لهذا العام (٩١٩ هـ).
(٢) كانت المحامل تتنافس فيما بينها عند بداية المشاعر رغبة في الحصول على المكانة، من ذلك ما يشير له المصنف من التسابق عند بداية النفرة من عرفة وما فعله الشاميون من أن يكون لهم شرف الصدارة فما كان من رد الفعل عند المصريين إلا أن عقروا جمل الشاميين، ويبدو من ذلك أن الناس كانت تنسى أو تتناسى الحكمة في هذه الشعائر الدينية، رغبة في التفاخر والكبر، وهذا كان يوقع السلطات الحاكمة في مكة بالحرج خاصة عند توقيع العقوبات على المخطأ. انظر: الجزيري: الدرر الفرائد، ص ٣٥٩ - ٣٦٠.