للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكبير، وألبس ولدي ثقبة خلعة فصلت على قده، ثم انصرفت إلى المنزل ومعي جميع الأمراء وأركان الدولة ثم أرسل لي ثاني يوم خاسكيين وطلعت معهما إلى المقام الشريف، فرحب بي وأكرمني كثيرا، وقال لي أنت عضو من أعضاء النبي وجئتني قبل ذلك وما تجملت منك، والماضي لا يعاد، والله يجمل منك. وقال لي: أنت بالخيار إن شئت أقمت وإن شئت عزمت إلى بلدك، وإذنك معك. فقلت: لا أعزم إلا حتى أتملى بمشاهدة الذات الشريفة، وأنا في الخدمة هنا، وولدي أبو نمي في خدمتكم بمكة.

فقال: يا شريف، شملت ولدي بركتك، فإنه سافر وما يعرف شيئا، وجاء وهو يعرف (١)، وكل هذا ببركتك ومسايستك في الطريق. ثم خلع علي خلعة ثانية، وانصرفت من عنده، وأمر لي بألف دينار [وبقجتين] (٢) واحدة لي والثانية للولد ثقبة، فيهما صوف وفرو، وأنعم على جماعتنا بني حسن، ورتب لنا النفقة على يد القاضي شهاب الدين أحمد بن الجيعان [و] (٣) يحضه في ملازمتنا، بل كل من اجتمع به من الأمراء يسأله: هل اجتمع بي؟ فإذا قال له: نعم. سأله عن حالي، وأمره بإكرامي، والذي يقول له: ما رأيته يحظه على الإجتماع بي وإكرامي، وأكرمني لذلك الأمراء والمباشرون والقضاة وجميع أركان الدولة (٤).

وجاءني بعض الأصحاب المصريين بورقة فيها من التعظيم للسيد ما لا يوصف وما وقع له في الطريق إلى أن قال: وطلع إلى المقام الشريف شرفه الله تعالى وعظمه وحصل له منه غاية جبر الخاطر ما لم يحصل لغيره من سائر النواب، ولا من غيرهم من الأمراء، بحيث أن المقدمين نزلوا بين يديه بأسرهم قاطبة، وأنزله المقام الشريف ببيته


(١) وكان عمر ولد السلطان أنذاك عشر سنين. انظر: ابن إياس: بدائع الزهور ٤/ ٤٤٠.
(٢) وردت الكلمة في الأصول "وبعجتين" والتعديل من العز ابن فهد: غاية المرام ٣/ ٣٠٩.
(٣) ما بين حاصرتين لم يرد في الأصل، وما أثبتناه من (ب) لسياق المعنى.
(٤) انظر هذه الأخبار في العز ابن فهد: غاية المرام ٣/ ٣٠٩.