كتاب بلوغ القرى في ذيل إتحاف الورى بأخبار أم القرى

أهل ربيع الأول ليلة الأحد سنة ٨٩٢. - ج: 1 - ص: 478

وفي يوم الأربعاء ثالث الشهر مات النور علي بن مبارك السفطي العجلاني وصلي عليه بعد صلاة العصر عند باب الكعبة ودفن من يومه بالمعلاة وكان يتعلق على علم الحروف (١)، ويقال إنه كان يصيب عفا الله عنه.

وفي يوم السبت سابع الشهر قبيل أذان العصر مات الشيخ المبارك خير الدين أبو الخير (٢) ابن الجمال محمد بن علي الفاكهي وجهز في ليلة الأحد ثامن الشهر وصلي عليه بعد صلاة الصبح عند باب الكعبة ودفن من يومه بالمعلاة عند سلفه وكان وجعه جمعة بعد أن كان وجع قبل ذلك وفصل، وكان وجعه البطن. ويقال إنه قال لعياله لا أعيش أكثر من جمعة، بل قال لعياله في يوم موته لا يجيء العصر إلا وأنا ميت. وأسكت الظهر رحمه الله تعالى.

---

(١) علم الحروف (علم أسرار الحروف): أن غلاة المتصوفة زعموا أن طبائع الحروف وأسرارها سارية في الأسماء وقسموا الحروف بقسمة الطبائع إلى أربعة أصناف، اختصت كل طبيعة بطائفة من الحروف وهذه الطبائع هي: النارية، والهوائية، والمائية، والترابية. وقال، هؤلاء الغلاة: إن الألف للنار، والباء للهواء، والجيم للماء، والدال للتراب، وهكذا على التوالي في بقية الحروف، ولذلك تعين للنار سبعة أحرف وللهواء سبعة وللماء سبعة وللتراب سبعة ثم قالوا: إن الحروف النارية لدفع الأمراض الباردة، والمائية لدفع الأمراض الحارة. ابن خلدون: المقدمة، ص ٤٨٨ - ٥٠٦.
(٢) هو: محمد بن محمد بن علي بن محمد بن عمر بن عبد الله أبو الخير الفاكهي المكي الشافعي وهو بكنيته أشهر، ولد سنة ٨٤٤ هـ وحفظ القرآن وغيره وسمع على جماعة بمكة ودمشق والقاهرة، ونظم ونثر وأثرى وافتقر وصنف ولازم صاحب الضوء اللامع في سنة ٨٨٦ هـ بمكة وسمع منه. السخاوي: الضوء اللامع ٩/ ١٥٧ ترجمة رقم ٣٩٦، وجيز الكلام ٣/ ١٠١٩ ترجمة رقم ٢٠٢٤.