للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شاهدين من الترك أحدهما الأمير أينال الفقيه، الذي كان باشا بمكة العام، فلما أحس من بالقلعة عند السلطان الناصر من صغار المماليك السلطانية بما وقع وهم قليل جدا، بادروا إلى تغليق أبواب القلعة ورموا من ساعتهم على قانصوه ومن معه بالمدافع (١) وغيرها من الآت الرمي، واستمر ذلك بينهم وبينه إلى ضحى يوم الجمعة، [فانهزم] (٢) قانصوه مع كثرة من معه وأصابه سهم في حلقه فانصرف إلى بيته، فلما كان عند الشيخونية سقط من ظهر فرسه فحمل مغشيا عليه إلى بيته بقناطر السباع (٣) على حمار، وانفلت أصحابه وتفرقوا، وكان من رؤوس أصحابه قانصوه الشامي، فتوجه بعد الكسرة في نفر من الجند قيل/أن عدتهم نيف وستون إلى الأسكندرية لقتل من بها من الأمير تمراز الأتابك والأمير تاني بك (٤) قرا المحبوسين فخيب الله أمله، وقتل العرب غالب من معه وأخذوه العرب أسيرا وأحضروه إلى الأمير تمراز فاعتقل بالأسكندرية، وأما ما كان من أمر خمسمائة، فإنه استمر مختفيا إلى يوم الثلاثاء السابع عشر من جماد الآخر، فظهر في بيته واجتمع


(١) المدافع: عرف العرب آلات المقذوفات قبل اختراع البارود، وقد استخدمها المسلمون في فتح السند. عبد الرحمن زكي: السلاح في الإسلام، ص ٥٢.
(٢) وردت في الأصول "انهزم" وما أثبتناه هو الصواب لسياق المعنى.
(٣) قناطر السباع: تلي قنطرة السد، ومكانها بميدان السيدة زينب، وأول من أنشأها السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس. محمد الششتاوي: منتزهات القاهرة، ص ١٩٨.
(٤) الأمير تانى بك قرا، كان أصله من مماليك الأشرف أينال، ورقي في دولة الأشرف قايتباي، تولى عدة مناصب منها: تاجر المماليك والدوادارية الثانية، ثم بقي مقدم ألف، ثم بقي حاجب الحجاب، ثم بقي رأس نوبة النوب، ثم أمير مجلس. قتل في شعبان سنة ٩٠٥ هـ. إبن إياس: بدائع الزهور ٣/ ٤٣٠. محمود رزق سليم: موسوعة عصر سلاطين المماليك ١/ ٢٢١.