للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشتكيه؟ فأحضروا ابن ناصر، ومشوا معه إلى بيته، فوعدهم حتى يجيء الشريف، فتأثروا لذلك وعادوا متأثرين، وذهب ابن ناصر إلى الأمير الكبير كان أزبك وشكى عليه، وقال: أنه ترك أجره من الليل، ولكن القاضي أشار عليه أو ألزمه بذلك وكان نسى/مجيئه للقاضي، ولم يشكه للأمير أزبك ثم اجتمع الناس عند بيت الباش، فخرج لهم بعض غلمانه فضربوهم فأصيب إنسان في يده، فتوجه إلى الترك عند الربع (١)، فجاءوا إلى بيته، فغلق الأبواب فأرادوا عزل بعضها، ثم كلمهم الدوادار من فوق ونزل لهم بالأمان، فتلطف بهم إلى أن قالوا: مقصودنا الذي ضرب غلامنا، فأحضر غلام الأمير معصوما بالحديد، ووضع بالأرض وضرب نحو خمسة وعشرين عصاة، وأظنه ذهب به إلى الحبس فسكن بعض ما عندهم، مع أنهم يتوعدون إن رأوه، فلم يظهر في ذلك اليوم، ثم ظهر بعد وأظنه ترك الطواف بالليل.

وفي صبح هذه الليلة، جاءني بعض المباركين، وهو الشيخ قطب الدين العجمي أحد جماعة بيت السيد عفيف الدين الأيجي، وأجلوني وأن كلا من ابن ناصر والباش حقيق بما حصل، فإن ابن ناصر كان في درس الشافعي (٢) وذكروا أفضلية البشر على الملائكة، فقال هو: حتى الكافر أفضل من الملك (٣)، فأما الباش فإنه سأل في أمسية شخصا عن مذهبه، فقال: شافعي فسبه وقبحه.


(١) الربع: لفظ تداولته الناس في العصر المملوكي، يقصدون به المساكن المعدة للإقامة من جانب التجار الوافدين، من تحتها حوانيت ووكالات تجارية. مصطفى عبد الكريم الخطيب: معجم المصطلحات والألقاب التاريخية، ص ٢٠٥. وقد يكون الربع مجموعة من الناس، وهو لفظ متداول في عصرنا هذا كقولك بالربع أو من ربعك أي جماعتك.
(٢) أي الدرس الذي يدرس في الحلقة داخل المسجد الحرام على المذهب الشافعي.
(٣) أما القول هنا بأن الكافر أفضل من الملك فهذا خلاف، لإن الكفرة والمنافقين غير داخلين -