صورة ثالثة: اتهام النيات والدخول في المقاصد من أخطر آفات اللسان، يتبعه تبديع الخلق وتصنيف الناس وتقسيمهم إلى أحزاب، وهم منها براء، وقد يتبع ذلك أيمان مغلظة وأقسام وأحلاف بأنه العليم بفلان والخبير بأقواله.
فيا سبحان الله! أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم قصده ومبتغاه؟ أين أنت من قول القدوة الحبيب صلى الله عليه وسلم:(إني لم أؤمر أن أنقب قلوب الناس، ولا أشق بطونهم) والحديث أخرجه البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحه.
ورحم الله ابن تيمية يوم أن قال في الفتاوى في الجزء التاسع عشر (صفحة ١٩٢) قال: وكثير من مجتهدي السلف والخلف، قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة فظنوها صحيحةً، وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها، وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله:{رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة:٢٨٦] وفي الصحيح قال: (قد فعلت)) والحديث عند مسلم في كتاب الإيمان.
فيا أخي الحبيب! أمسك عليك لسانك، والزم الورع والتقى ومراقبة الله عز وجل، وأشغل نفسك في طاعة الله أنفع لك عند الله.
فعن البراء رضي الله تعالى عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (دلني على عمل يدخلني الجنة -انظر للحرص- قال صلى الله عليه وسلم: أطعم الجائع، واسق الظمآن، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، فإن لم تطق فكف لسانك إلا من خير) والحديث أخرجه أحمد وابن حبان وغيرهما وهو صحيح.
وعند مسلم قال:(تكف شرك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك) سبحان الله! انظر لفضل الله على عباده، إن كفك شرك عن الناس صدقة تكتب لك عند الله عز وجل.
فيا أيها الأخ الكريم! إن أبواب الخير كثيرة، وأعمال البر عديدة، فأشغل نفسك فيها، فإن عجزت فكف لسانك إلا من خير، وإن أبيت إلا أن تكون راصداً لأقوال الناس حارساً لألسنتهم فقيهاً ببواطنهم، فحسبنا وحسبك الله.