للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استخراج مكنون عبودية الدعاء]

فمن فوائد المصائب: استخراج مكنون عبودية الدعاء، قال أحدهم: سبحان من استخرج الدعاء بالبلاء، وفي الأثر أن الله ابتلى عبداً صالحاً من عباده، وقال لملائكته: (لأسمع صوته) يعني: بالدعاء والإلحاح.

أيها المريض! المرض يريك فقرك وحاجتك إلى الله، وأنه لا غنى لك عنه طرفة عين، فيتعلق قلبك بالله وتقبل عليه بعد أن كنت غافلاً عنه، وصدق من قال: فربما صحت الأجسام بالعلل.

فارفع يديك، وأسل دمع عينيك، وأظهر فقرك وعجزك، واعترف بذُلِّك وضعفك.

في رواية عن سعيد بن عنبسة قال: بينما رجل جالس وهو يعبث بالحصى ويحذف به، إذ رجعت حصاة منها عليه فصارت في أذنه، فجهدوا بكل حيلة فلم يقدروا على إخراجها، فبقيت الحصاة في أذنه مدة وهي تؤلمه، فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع قارئاً يقرأ: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل:٦٢] فقال الرجل: يا رب! أنت المجيب وأنا المضطر، فاكشف عني ضر ما أنا فيه، فنزلت الحصاة من أذنه في الحال.

لا تعجب! إن ربي لسميع الدعاء، إذا أراد شيئا قال له: كن فيكون.

أيها المريض! إياك وسوء الظن بالله إن طال بك المرض، فتعتقد أن الله أراد بك سوءاً، أو أنه لا يريد معافاتك، أو أنه ظالم لك، فإنك إن ظننت ذلك فإنك على خطر عظيم.

أخرج الإمام أحمد بسند صحيح كما في الصحيحة من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيراً فله، وإن ظن شراً فله) .

يعني: ما كان في ظنه فإني فاعله به، فأحسن الظن بالله تجد خيراً إن شاء الله.

لا تجزعنَّ إذا نالتك موجعةٌ واضرع إلى الله يسرع نحوك الفرج

ثم استعن بجميل الصبر محتسبا فصبح يسرك بعد العسر ينسلج

فسوف يدلج عنك الهم مرتحلا وإن أقام قليلاً سوف يدّلج

هذا في المرض، وأطلت فيه لكثرة المرضى وحاجة الناس إلى مثل هذه التوجيهات، وهي تحتاج إلى رسالة خاصة، لكن حسبي ما ذكرته الآن؛ لأن الموضوع عام في المصائب والآلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>