[خطورة اتباع الموضة في اللباس والشكل]
سؤال في الاستبانة يقول: هل تتتبعين الموضة في اللباس والشكل؟ فأجابت: (٥٦%) بـ (نادراً) و (٣٢%) بـ (نعم) ، وبنحو (١٢%) بـ (لا) .
وكيف تعرف الفتاة الجديد في عالم الموضة؟! أجاب: (٣٢%) عن طريق وسائل الإعلام، و (٢٧%) عن طريق المناسبات، و (٢٧%) عن طريق الزميلات، وذكرت أسباباً أخرى بنسب ضئيلة جداً كالسفر للخارج وما يستجد في السوق والابتكار والتصميم الذاتي وغيرها.
وأنا أقول: الأناقة صفة جميلة في الفتاة، لكنها لا تعني التعدي على الآداب الإسلامية والقيم العربية الأصيلة، ولا تعني الغرور والعجب بالنفس واحتقار الآخرين، ولا تعني التقليد لكل جديد وتعطيل العقل وضياع الشخصية، لكن بحدود وضوابط ديننا وعقيدتنا، وأقول هذا وأؤكد عليه وخاصة حين أرى في الاستبانة ما يقرب من (٤٨%) من فتيات الاستبانة تراعي العادات والتقاليد فقط، أو ما يتناسب مع حياتها وقدراتها فقط بدون أي مراعاة لضوابط الشريعة، بينما أجابت (٥٢%) أنها تراعي ضوابط الشرع عند اتباعها للموضة.
وتنبهي أخيتي لقضية ربما تغفل عنها الكثير من نسائنا اليوم وهي: أن اللباس له آداب وأحكام في الإسلام، فانظري مثلاً لكتاب اللباس في صحيح البخاري أو صحيح مسلم وغيرهما من كتب السنة، ارجعي إليها قبل أن تنظري لبرامج الموضة في القنوات، أو في مجلات الأزياء؛ لتعلمي كيف جاء الإسلام بأعظم الآداب والأحكام في اللباس، ليرفع من قيمتك ويحفظ حياءك وعفتك.
إذاً: فأنت تنطلقين عن دين يأمرك بالستر والعفاف، ولا يمنعك من التجمل والاعتناء بالمظهر، أما الذين ينطلقون عن عبادة الدينار والدرهم والشهوات والجنس، ويسخرون بالمرأة فيتعاملون مع شعرها وجسدها وجفونها، بالأقمشة والألوان والأصباغ، وكأنها دمية تتقاذفها الأيدي حتى شكا القبح من قبح شكلها، ثم يدفعونها للجمهور لتعرض جنونهم وهوسهم أمام الأعين والشاشات، فالمرأة بالنسبة لهم مصدر ثراء وربح.
أسألك بالله وبكل صدق وإخلاص: أليس هذا احتقار وإهانة للمرأة؟! لا تتعجلي الإجابة، فكري فأنت بنفسك الحكم، وأنا على يقين أن نداء الفطرة والعقل سينتصر في النهاية، ثم اسألي نفسك هل لك شخصية مستقلة؟ وهل لك عقل وهوية؟! لا تتعجبي من سؤالي، فكم تمارس بعض الأخوات قتل شخصيتها وتأجير عقلها وبيع هويتها بتفاهات لا قيمة لها.
فماذا تقولين إذاً عن العشرات اللاتي يتهافتن وبجنون على ذلك الموديل، أو طريقة ذلك اللباس؟ لمجرد أن مطربة أو فنانة أو مذيعة لبست ذلك اللباس أو تلك الحركة، يقول الكثير من تجار الملابس: لا تتخيل حين تظهر إحدى المذيعات بأي فستان تجد الفتيات يتهافتن على المحل يسألن عن نفس الفستان، وإذا كان لدينا نفس الموديل نبيع كل الكمية في يوم واحد.
انتهى من مجلة المنار الكويتية.
بل إن من المضحك المبكي: أن نسمع من بعض تجار الملابس، أن بعض النساء يسألن وبإلحاح عن إحدى الملابس الداخلية لفنانة ما؛ لأنها ظهرت فيها بإحدى القنوات لتبرز مفاتنها، ولكثرة الطلب ارتفع سعر تلك القطعة إلى ثلاثة أضعاف قيمتها الأصلية!
فنانة نسي المكابر أنها كبهيمة جر البغاة خطامها
مشوارها الفني رحلة عَزَّة قد حكمت في عقلها أوهامها
ما الفن إلا خطة مشئومة نار يرى المستبصرون ضرامها
أخيتي! إن الحديث عن عالم الموضات والملابس والإكسسوارات غريب وعجيب، والأغرب والأعجب خفة العقل والطيش، وتبذير الأموال وقلة الحياء لدى بعض النساء، ومن مختلف الأعمار والطبقات.
ويعلم الله يأبى علي الحياء أن أذكر المواقف والأحداث التي سطرتها، أو حكتها بنات جنسك، أو أن أصف لك تلك الملابس العارية التي رأيتها بأم عيني، والخلاصة: من النقاب والبنطال والعباءة الفرنسية إلى اللثام، وكشف الوجه وإظهار الساقين والركبتين والكاب، والعباءة المطرزة والشفافة، إلى موضة اللف والغجري والثياب القصيرة والشفافة كالشيفون والدانتير والجوبير، والفتحات السفلية والعلوية والوسطى؛ لإظهار البطن والظهر أو الصدر، أو بدون أكمام، حتى أصبحت حفلات الأعراس وصالات الولائم والمناسبات والملاهي والتجمعات العائلية أماكن لعرض الأجساد العارية من قبل بعضهن، وإن كن قلة ممن بعن الحياء والدين، والمبادئ والعادات والتقاليد؛ لكنه مرة أخرى الشعور بالنقص والتقليد وضياع الشخصية وتعطيل العقل.
مسكينة تلك الأخت! تظن أنها تخطف نظرات الإعجاب والإطراء من الحاضرات، وما عملت أنها نظرات الاحتقار والازدراء والشفقة على قلة العقل والإيمان، إنه لباس الشهرة الذي قال عنه الحبيب صلى الله عليه وسلم (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله إياه يوم القيامة ثم ألهب بالنار) كما في السنن لـ أبي داود وهو صحيح.
ولم يقف العبث والجنون عند الملابس والإكسسوارات، بل تعداه إلى الصفات الخلقية، فقد قيل لي -ولعله ليس صحيحاً- عن تلك التي تحلق الحاجبين وتضع مكانه خطاً بالقلم الأسود، وتأخذ من رموشها لتضع الرموش الصناعية، وتضر عينيها من أجل العدسات الملونة، وتقص أظافرها لتضع أظفاراً صناعية، أو تقص شعر رأسها لتصله بعد ذلك بشعر مستعار، أو تقشر جلد وجهها ليكون أبيضاً ناصعاً، أسمعُ هذا القول مبهوتاً، فإن كان حقاً ما يقولونه كله أو بعضه فرحمة الله عليك! أخيتي أهذا صحيح؟! أيعقل هذا؟! ما رأيك هل أتركه بدون تعليق، أم أعلق وماذا سأقول؟! أظافر صناعية، شعر مستعار، رموش صناعية، عدسات لاصقة ملونة، وعمليات لتضخيم الشفاه، ورسم الحواجب، تكبير أو تصغير للصدر، وَشْمٌ وعمل حبة الخال، عمليات تجميل لا نهاية لها، أهو تجميل أم تزييف؟! أهو فن وذوق أم كذب وحمق؟ أهو انتكاس في الفطرة أو تبديل لخلق الله؟ أهو خفة في العقل أم تقليد أعمى؟ لقد حكاها القرآن نعم وربي! لقد حكاها القرآن على لسان إبليس فقال: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء:١١٩] ولعنهن الله، فقال على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) كما في صحيح البخاري ومسلم.
ويلعن الحبيب صلى الله عليه وسلم (القاشرة والمقشورة والواصلة والموصولة) كما في المسند لـ أحمد، والقاشرة هي: التي تقشر وجهها أو وجه غيرها ليصفو لونها، واسمعيها أختي -وبدون مجاملة- إن من ينظر إليك بهذا الشكل الغريب عن طبيعتك يسخر بك ويزدريك، لقد أصبحت أضحوكة للحاضرات دون أن تشعرين، إنها الحيرة والازدواجية والتردد وضياع الهوية لدى الكثير من بنات المسلمين.
من أين هذا الزي ما عرفت أرض الحجاز ولا رأت نجد
هذا التبذل يا محدثتي سهم من الإلحاد مرتد
ضدان يا أختاه ما اجتمعا دين الهدى والفسق والصد
والله ما أزرى بأمتنا إلا ازدواج ما له حد