ثامناً: من مظاهر الرجل الصفر أو المرأة الصفر: عقدة المستحيل ولا أستطيع، ولا أقدر، مظهر من مظاهر السلبية ودنو الهمة.
كم من المرات نضع بأنفسنا العقبات والعراقيل أمام كثير من مشاريعنا!! نحن بأنفسنا نصنع العقبات ونصنع العراقيل، والواقع يشهد بهذا، فلماذا عذر المستحيل وعذر عدم الاستطاعة وعدم القدرة هي الورقة التي نلوح بها دائماً، فنغلق نحن بأيدينا الأبواب في وجوهنا؟ والله يا أيها الإخوة! لو فكرنا وحاولنا لوجدنا أن كثيراً من العقبات والعراقيل التي تقف أمامنا إنما هي عراقيل وعقبات وهمية، وما هي إلا حيل نفسية، فكر جيداً وارجع لنفسك وحاسبها وستجد أننا بأنفسنا نعيق أنفسنا عن العمل، فكل أمر بمقدور البشر أن يفعله لا يمكن أبداً أن يكون مستحيلاً، وكل أمر بمقدورك أنت أيها الإنسان! أن تفعله لا يمكن أن يكون مستحيلاً أبداً.
سئل نابليون: كيف استطعت أن تولد الثقة في أفراد جيشك؟ فأجاب: كنت أرد بثلاث على ثلاث، من قال: لا أقدر، قلت له: حاول، ومن قال: لا أعرف، قلت له: تعلم، ومن قال: مستحيل، قلت له: جرب.
هكذا إذاً.
فأقول لك: لا تيئس اجعل هذه الكلمة شعاراً لك لكل عمل تقوم به، فلكل مجتهد نصيب، وإن من أدمن قرع الباب ولج.
كن رابط الجأش وارفع راية الأمل وسر إلى الله في جد بلا هزل
وإن شعرت بنقص فيك تعرفه فغذ روحك بالقرآن واكتمل
وحارب النفس وامنعها غوايتها فالنفس تهوى الذي يدعو إلى الزلل
قال ابن الجوزي: فصل: نشدان الكمال -أي: طلب الكمال-.
قال فيه: "فينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه، فلو كان يتصور للآدمي صعود السماوات لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض، فلو كانت النبوة تأتي بكسب لم يجز له أن يقنع بالولاية، ولو كانت تحصل بالاجتهاد رأيت المقصر في تحصيلها في حضيض، غير أنه إذا لم يمكن ذلك فينبغي أن يطلب الممكن، أو تصور أن يكون -مثلاً- خليفة لم يحسن به أن يقتنع بإمارة، ولو صح له أن يكون ملكاً لم يرض أن يكون بشراً، والمقصود أن ينتهي بالنفس إلى كمالها الممكن لها في العلم والعمل.