أحس بالهمّ والغم وقلبي والله يحترق على واقع المسلمين وتكالب أعداء الدين على المسلمين في شتى أنحاء العالم، فما هو الحل، وكيف العمل من أجل ديننا الحنيف افتونا بارك الله فيكم؟
الجواب
أعوذ بالله من الهم والغم، هي ليست فتوى وإنما همّ -أيضاً- نشارك فيه، فأحسنت -بارك الله فيك- عندما أحسست بهذا الهمّ، ثم إن هذا الهمّ هو المطلب الأول لكل مسلم، أن يشعر بالهمّ تجاه إخوانه وما يحصل لهم؛، لكن أن تتقلب في بيتك برغد العيش وشهوات الدنيا، وتنسى إخواناً لك في كل مكان وما يحصل لهم؛ فهذا ليس من كرم الكرام، وليس من أخلاق الرجال، فضلاً على أن يكون من أخلاق المسلم أن يهتم بإخوانه المسلمين، والمسلمون مؤمنون في تواد (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) أو كما قال صلى الله عليه وآله وسلم.
مثلاً: في فصل الشتاء، كلٌ منا يا أحبة! في بعض الأحيان قد يشكو البرد، فأقول: سبحان الله! نحن نشكوا البرد وقسوته، ونحن لدينا الملابس الكثيرة، وفي بيوتنا وتحت المكيفات الحارة، والدفايات الساخنة، والطعام متوفر، وما أحوج الإنسان إلى الطعام في فصل الشتاء، والسيارات متيسرة، وكل أمور الرخاء بفضل الله سبحانه وتعالى ومنته -نسأل الله أن يعيننا على شكرها- متيسرة، ومع ذلك قد لا نرى أحداً يفكر في أحوال المسلمين سواء في الداخل أو الخارج، أقول: الداخل؛ لأنك لو تبصرت في حيك وفي جيرانك لوجدت الأرملة المسكينة التي تبحث عن من يعينها، ومن يقضي حوائجها، بل وربما وجد في بيتها صبية لا يملكون ما يلبسون في فصل الشتاء، وأقول: أدر بصرك -بارك الله فيك- يمنة ويسرة، ودقق النظر في أحوال حيك ستجد شيئاً كثيراً من هذا، ثم انظر مرة أخرى إلى هؤلاء المساكين من العمالة الذين جاءوا إلينا وسخرهم الله سبحانه وتعالى لنا انظر لحالهم ولباسهم في الشتاء، فأين أنت منهم؟ فضلاً عن إخوانك الذين يعانون الحرب والبرد والجوع والزلازل والفتن في كل مكان.
فلذلك أقول: أول العمل هو الهمّ، ومشاركة هؤلاء، ثم أمر آخر وكلٌ قادر عليه، ومع الأسف لا يفعله إلا القليل.
أقول: يا أخي الكريم! تعلم أن المال هو عصب الحياة، وأن السبب الرئيسي الذي يعين المسلمين في كل مكان هو المال، فلماذا لا تكن أنت حصالة للمسلمين في كل مكان؟ وقد أعجبني موقف صبي صغير أظنه في أول متوسط -والله حصل هذا الموقف- هذا الصبي جاء في يوم من الأيام بعلبة الحليب النيدو، جاء بها إليّ وكان قد شمعها من الأعلى ثم فتح فتحة من الوسط، وكتب عليها: تبرعوا لإخوانكم المسلمين، فقال: افتحها، قلت: ما فيها؟ قال: فيها مال، قلت: من أين؟ قال: كنت أجمعه من أقاربي وأهلي فإذا كان هناك مناسبات للرجال وضعته عند الرجال، وإذا كانت مناسبة عند النساء وضعته عند النساء، وهكذا حتى جمعت هذا.
سبحان الله! يا ليتنا كلنا نشعر بشعور هذا الطفل الصغير، ونحس بإحساسه.
ويذكر لي أحد الدعاة يقول: تكلمت في مسجد من مساجد الكويت عن أحداث الصومال، يقول: فلما خرجت وجدت مجموعة من الصبية قد اجتمعوا عند باب المسجد ومعهم كرة، فقالوا لي: يا شيخ! نحن ما معنا فلوس ولكن خذ الكرة أعطها أولاد الصومال يلعبون بها.
سبحان الله! هكذا نربي صغارنا يا أحبة! فضلاً عن كبارنا الذين نرجو أن يفعلوا شيئاً للمسلمين، فأقول: لماذا لا تهب نفسك وتجاهد بأن تكون حصالة للمسلمين؟ اجمع مرة يميناً ومرة يساراً، من فلان ومن علان، من قريب ومن بعيد، ثم ضعها في يد ثقة تعلم أن له بضعة في هذا الأمر، يوصلها بطريقته الخاصة، وفي مؤسسة موثوقة، أما أنت نقول: والله ما ندري ماذا نفعل؟ ونأكل ونشرب وننشغل في دنيانا فلا، ويعلم الله أن الله سائلنا عن حالنا وحال رخائنا وعن حال المسلمين وما يصيبهم، وكلٌ سيسأل وكلٌ إن قدم شيئاً سيجده عند الله جل وعلا فلا تحتقر نفسك.