وأذكر أن طالباً متميزاً في دراسته حصل له ظرف في ليلة امتحان إحدى المواد، ولم يستطع أن يذاكر جميع المنهج المقرر للمادة إلا بقدر الثلث، فاهتمّ واغتمّ وضاقت عليه نفسه، ولم يستطع الإفادة من باقي الوقت لاضطراب النفس وطول المنهج، فما كان منه إلا أن توضأ وصلى ركعتين، وألحّ على الله بأسمائه وصفاته وباسمه الأعظم، يقول الطالب: فدخلت قاعة الامتحان ووزعت أوراق الأسئلة وقبل أن أنظر فيها دعوت الله عز وجل ورددت بعض الأذكار، ثم قلبت الورقة فإذا الأسئلة أكثرها من ذلك الثلث الذي درسته، فبدأت بالإجابة، ففتح الله عليَّ فتحاً عجيباً لم أكن أتصوره ولكن ربي سميع مجيب.
فإلى كل الطلاب والطالبات! أقول: لماذا غفلت عن الدعاء والشكوى إلى الله، وأنتم تشكون إلى بعضكم وتزفرون وتتوجعون؟! لماذا يعتمد الكثير منكم على نفسه وذكائه، بل ربما اعتمد البعض على الغش والاحتيال؟! إن النفس مهما بلغت من الكمال والذكاء، فإنها ضعيفة، وهي عرضة للغفلة والنسيان، نعم.
لنفعل الأسباب ولنحفظ ولنذاكر ونجتهد، ولكنها كلها لا شيء إن لم يعنك الله ويفتح عليك، فلا حول ولا قوة إلا بالله في كل شيء، فهل طلبت العون من الله؟ توكل على الله، وافعل الأسباب، وارفع يديك إلى السماء وقل: يا سامعاً لكل شكوى! وأظهر ضعفك وفقرك إلى الله، وسترى النتائج بإذن الله.
وأنت أيها المدرس والمُدرسة! بل ويا كل داعية! لماذا نعتمد على أنفسنا الضعيفة في التوجيه والتعليم؟! هب أننا أعددنا الدرس جيداً، وفعلنا كل الأسباب، هل يكفي هذا؟! لعلك تسأل: ماذا بقي؟! أقول: هل سألت الله العون والتوفيق عند تحضير الدرس؟ هل سألت الله أن يفتح لك القلوب، وأن يبارك في كلماتك وأن ينفع بها؟ هل سألت الله العون والتوفيق وأنت تلقي الدرس؟! هل دعوت لطلابك أن يبارك الله لهم، وأن ينفع بهم، وأن يصلحهم وييسر عليهم؟ هذه بعض الأمثلة والمواقف، وما يُعرف ويحكى أكثر وأكثر، ولكننا نريد العمل والتطبيق.