قال أبو الربيع محمد بن الفضل البلخي: سمعت أبا بكر محمد بن مهرويه سمعت علي بن الحسين بن الجنيد سمعت يحيى بن معين يقول: إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة من أكثر من مائتي سنة! قال ابن مهرويه: فدخلت على عبد الرحمن بن أبي حاتم وهو يقرأ على الناس كتاب الجرح والتعديل، فحدثته بهذا فبكى وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده، وجعل يبكي ويستعيدني الحكاية.
سبحان الله! والله إن القلب ليقشعر ونحن نقرأ مثل هذه المواقف، بكى رضي الله عنه وأرضاه لماذا؟! يقول الذهبي معلقاً على هذا الموقف: أصابه على طريق الوجل وخوف العاقبة، وإلا فكلام الناقد الورع في الضعفاء من النصح لدين الله والذب عن السنة.
اهـ.
وهذا مطلوب منه يؤجر عليه، ومع ذلك ترتعد يداه ويبكي رضي الله تعالى عنه؛ لأنه تكلم في رجال في أمر واجب، فماذا نقول ونحن في المجلس، بل ربما في الساعة الواحدة نتكلم عن عشرات الناس؟! ماذا نقول ونحن نسمع كثيراً من إخواننا -عفا الله عنهم وصفح لهم وغفر لهم- وما يذكرونه في كثير من المشايخ والعلماء وطلبة العلم بل والصالحين؟! سبحان الله! ما وجدنا إلا هؤلاء نخوض في أعراضهم ونتكلم عنهم؟! أين أنت عن المنافقين؟ وأين أنت من اليهود ومن النصارى من أعداء الدين الذين يكيدون للدين ليلاً ونهاراً؟! رحم الله ابن المبارك يوم أن جاءه ذلك الرجل فذكر له قولاً في إخوانه، فقال له ابن المبارك: عجباً! سلم منك اليهود والنصارى، ولم يسلم منك إخوانك! كلمات تكتب بمداد الذهب!