الصورة التاسعة: ثناءٌ لتلك المرأة الصالحة التي عرفت فضائل هذا الشهر، فحرصت على استغلال ساعاته، فهي محافظةٌ على الصلوات في أوقاتها، جالسةٌ بعد الصلوات في مصلاها تقرأ القرآن، وقد تنتقل إلى الذكر والتسبيح، والتحميد والتهليل والتكبير، وتقديرٌ لها يوم أن كانت خلف كل عمل صالح في بيتها، فهي خلف أولادها وإخوانها بالمحافظة على الصلوات، فتوقظ هذا، وتنبه ذاك، وهي خلفهم بدفعهم وتشجيعهم لقراءة القرآن، وصلاة القيام، واستغلال رمضان، تلهب الحماس، وتقوي العزائم، بالكلمة الطيبة تارة، وبالشريط النافع وبالهدية المشجعة تارةً أخرى.
ووفاء لتلك الزوجة الوفية يوم أن كانت لزوجها حقاً وفية، أصبحت وجه سعد على زوجها، أنارت جنبات بيتها، فهي وراء زوجها بالتذكير والتنبيه إن نام أو غفل، وهي معينةٌ له إن ذكر، فلا تقطع عليه ساعات الطاعة في الشهر بكثرة طلباتها، ولا تعرضه لفتن المتبرجات السافرات في شهر الفضل والإحسان، وفي أعظم الأيام العشر الأواخر بكثرة دخولها وخروجها للأسواق، وهي وفيةٌ لزوجها يوم أن قالت: إن الذكر، وقراءة القرآن، واستغلال رمضان، لا يجتمعان أبداً في بيت مع ملاهي الشيطان، فقم وتوكل على الله وطهر البيت لتحل علينا ملائكة الرحمن، ويرحل مردة الجان، وما هي إلا عزيمة وإرادة، وخوفٌ وتوبة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
إعجابٌ وإكبارٌ لك أيتها الصالحة! وأنت في المدرسة والعمل، فها أنت قد حرصت كل الحرص على إتقان العمل وإخلاصه لله ليتم صومك، فأنت تخافين من خيانة الأمانة التي وكلها الله لك، فكلنا إعجابٌ وإكبارٌ يوم أن جاءت بناتنا وأخواتنا ليحدثن أنك تكلمت عن فضائل هذا الشهر، وكيفية استغلاله والحرص عليه، وأنك قمت بوضع مسابقة رمضانية لتفقيه الطالبات بأحكام الصيام، وأنك أهديت لكل واحدة منهن شريطاً لتعليم آداب الصيام وأحكامه، وأنك ما تفتئين تذكرين بثمرة الصيام وسره العظيم، تقوى الله ومراقبته في السر والعلن، وأنها العبادة الوحيدة التي خصها الله لنفسه، لأنها عبادة خفية بينك وبينه، فلا أحدٌ يعلم عن حقيقة صومك.
إنك أيتها المخلصة! لا تتصورين عظيم فرحتي وأنا أسمع هذه الكلمات، إعجابٌ أسطره لك أيتها المعلمة! وأنا أرى أختي وابنتي وقد حرصن على رمضان، وعلى الصلاة والقيام وكثرة الأعمال، فيحضرني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الدال على الخير كفاعله) وقوله صلى الله عليه وسلم: (ولئن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خيرٌ لك من حمر النعم) وقوله صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنةً حسنةً كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) فما أملك إلا أن أرفع يدي إلى السماء قائلاً: اللهم لا تحرم تلك المعلمة أجر تلك الأعمال.
فتتوارد الأدعية لك أنت أيتها الصادقة! وتفيض تلك الدمعة لحسن رعايتك للأمانة، وحملك هم إصلاح الأُخريات فشكر الله سعيك، وبارك فيك، وأجزل الأجر والمثوبة لك، فأنت أهلٌ لذلك.
فأبشري بالقبول بإذن الله، قبول الصيام والقيام، والعتق من النيران ودخول الجنان والفوز برمضان، كل ذلك بفضل ورحمة من الكريم المنان، ثم بفضل ما فعلت وقدمت ابتغاء وجه الله، وهكذا فلتكن المرأة المسلمة في رمضان.