فمثلاً: الزوجة المسكينة تسمع عن أخلاق زوجها، وسعة صدره وابتسامته وكرمه، ولكنها لم تر من ذلك شيئاً، فهو في بيته سيئ الخلق، ضيق الصدر، عابس الوجه، صخاب لعان، بخيل ومنان، أين هذا وأمثاله من قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) كما عند ابن ماجه وابن حبان والحاكم.
وأين هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم:(أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم) كما عند الترمذي وابن حبان بسند صحيح؟! قال سلمة بن دينار: السيئ الخلق أشقى الناس به نفسه التي بين جنبيه، هي منه في بلاء، ثم زوجته، ثم ولده، حتى إنه ليدخل بيته وإنهم لفي سرور، فيسمعون صوته فينفرون منه فرقاً -أي: خوفاً منه- حتى إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة، وإن كلبه ليراه فينزو على الجدار، حتى إن قطه ليفر منه.
انتهى كلامه.
وقل مثل ذلك مع الوالدين، فكم أولئك الذين نسمع عن حسن أخلاقهم وكرمهم وابتسامتهم وجميل معاشرتهم للآخرين، أما مع أقرب الناس إليهم وأعظم الناس حقاً عليهم، الوالدين، فجفاء وهجر وبعد، ويكفي بلاغةً وقوةً ورقةً، قول الحق عز وجل:{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}[الإسراء:٢٣] ومن نظر لحالنا مع آبائنا وأمهاتنا، علم ضعف إيماننا وتقصيرنا بأعظم الحقوق علينا بعد توحيد الله، والله المستعان.