الصورة الرابعة رأينا وسمعنا حرص بعض النساء على الصدقة، ورمضان الخير يشهد للنساء بحسن السخاء، والبذل والعطاء، سمعت عن تلك التي جمعت رواتبها فتصدقت بها دفعةً واحدةً، وسمعت عن تلك التي كفلت يتيماً، وأعطت مسكيناً، ووزعت شريطاً، وفطرت صائماً، حتى قلت في نفسي: ماذا بقي لها؟ فأجابت بلسان حالها تقول:{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[القصص:٦٠] فذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا معشر النساء! تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار) .
فقلت: أبشرن أيتها الصالحات، فإن هذا لمن أكثرت السب واللعن، ونسيت نعمة الله عز وجل عليها، أما أنت فإني أحسبك إن شاء الله من الفائزين برمضان.
ثلة فتيات عرفت فيهن الخير كله، الهاجس في نفوسهن إصلاح الأُخريات ودعوتهن، يسألن وبكثرة عن المواضيع، والعناصر، والمسائل الرمضانية المناسبة للطرح في مثل هذا الشهر، يسألن وبإلحاح عن المناسب من الأشرطة والرسائل للإهداء والتوزيع، ولما انتهت المكافأة الشهرية اقترضن حتى لا ينقطع هذا الخير.
يا سبحان الله! تركن اللباس والموديلات وآخر الصيحات وأدوات الزينة، لا لعدم الرغبة فهي جبلة المرأة، بل لأن همّ الإصلاح والغيرة على الدين كان أكبر، ولسان حالهن يقول: رمضان فرصة لا تعوض، فالقلوب منكسرة، والشياطين مصفدة، والإيمان يزيد.
وعلمت أنهن يجتمعن لقراءة القرآن، وبحث بعض مسائل الصيام، ويحرصن على النوافل والسنن الرواتب، وصلاة القيام، ويقمن ببر الوالدين وصلة الأرحام، وخدمة الأهل والإخوان وإعداد الطعام، هذا كله بعد صلاة الفرض في وقتها، والقيام بحق زوجها، فنالت رضا ربها وفازت في شهرها، فهنيئاً لها، ثم هنيئاً لها.
الحياة يبنيها صناع، كل منهم يؤثر في جانب منها، ومن جد وجد، وإما أنا وإما الفاسق، فإن الفاسق يصنع الحياة على طريقته، وكلٌ منا له موهبةٌ يحبها فيحب أن ينميها، ويبرع فيها ويبتكر لها، لكي يستطيع أن يجمع الناس حوله في تخصصه ومهارته.