[تكامل الشخصية في حياة السلف رضوان الله تعالى عليهم]
في العنصر السابق تكلمنا عن صور ومواقف متناثرة، وإليك في هذا العنصر وقفة سريعة لحياة علمين فاضلين.
فإنك إذا نظرت لحياة هؤلاء الرجال؛ وجدتها مدرسةً في جميع الجوانب: في العلم، في الجهاد، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في العبادة، في الحرص على النوافل، في الخوف من الله، في الزهد، في الورع، في التواضع، في حسن الخلق، في كل شيء!
حدث بما شئت من حلم ومن كرم وانشر مآثرهم فالباب متسع
أما اليوم، فتعال وانظر لحالنا! فإن ظاهرنا الصلاح وقد نحسب في القدوات والسادات، والله وحده أعلم بسرائرنا، نعجب بأقوالنا وأفعالنا وأحوالنا وانتصارنا لأنفسنا وتصدرنا وعجبنا بذواتنا، وإذا وقفت مع حالنا مع النوافل والطاعات؛ أصابتك الحسرات والآهات، وقل مثل ذلك في طلبنا للعلم وفي أمرنا ونهينا عن المنكر، وإهمالنا لقلوبنا وحملنا على الآخرين وجرحهم ونبزهم، وأستغفر الله أن أعمم، ولكن كل منا أعلم بنفسه:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدثر:٣٨] ، {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ}[هود:٨٨] .
أخي الحبيب! تعال أقف وإياك للنظر في جانب سلامة الصدر فقط، وطهارة القلب في حياة هذين الرجلين في أكثر من موقف في حياتهما، إنهما: الإمامان أحمد بن حنبل، وابن تيمية رحمهما الله تعالى جميعاً، ففي حياتهما مثل أعلى للعاملين والدعاة المصلحين والعباد المخلصين، فمع كثرة الأذى لهما والنيل منهما وسجنهما وجلدهما، والتعرض للفتن بل وللتكفير والتفسيق والتبديع عياذاً بالله، ومع ذلك كله فاقرأ وتفكر لتعرف من أنت أيها المسكين! اقرأ وصارح نفسك وكن لها من الناصحين، فأنت إذا رماك أحد بتهمة ما تركت صغيرةً ولا كبيرةً إلا وذكرتها في قائلك!