أيها الإخوة والأخوات! إن من خالط الإيمان بشاشة قلبه؛ لا يمكن أن يهجر الطاعات، كيف وقد ذاق حلاوتها وطعمها، وشعر بأنسها ولذتها في رمضان؟ إن هرقل لما سأل أبا سفيان عن المسلمين: أيرجعون عن دينهم أم لا؟ قال أبو سفيان: لا.
قال هرقل: وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب.
إن هرقل يعلم أن من ذاق حلاوة الإيمان، وعرف طعمه لا يمكن أن يرجع عن دينه أبداً مهما فُعل به.
إن طعم الإيمان، ولذة الطاعة هما السر في الاستمرار وعدم الانقطاع، نعم.
يفتر المسلم ويتراخى، ويمر به ضعف وكسل، خاصةً بعد عمل قام به، وذلك مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن لكل عمل شرة، والشرة إلى فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضل) .
والحديث أخرجه أحمد في مسنده وإسناده صحيح، وقد صححه الألباني كما في الصحيحة، وقال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، وأيضاً أخرج من وجوه كما في الترمذي، وقد قال عنه الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه، كما في صحيح الجامع للألباني.
إذاً: فالمسلم يفتر ويضعف لكنه لا ينقطع، واسمع لهذا الكلام الجميل لـ ابن القيم رحمه الله: تخلل الفترات -أي الفترة والكسل- للسالكين أمر لا بد منه، فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد، ولم تخرجه من فرض، ولم تدخله في محرم، رجي له أن يعود خيراً مما كان.
انتهى كلامه رحمه الله.
فلعلنا أيها الأحبة! نقارن بين حالنا في رمضان بعد سماع هذا الكلام، وبين حالنا خلال هذه الأيام؛ لنشعر بما فقدناه من اللذة والطاعة وحلاوة الإيمان، والله المستعان.