تعال نتعاتب يا أخي الحبيب! فإنني في حيرة من أمرك، فكل يوم لك فكر ولك وجهة، فاليوم لك منهج وغداً لك منهج آخر، وبعد أيام لا هذا ولا ذاك، فهل أصفك بأنك أُذن؟! -والأُذن: هو المستمع القابل لما يقال له- فلماذا تتبع كل ما تسمع وتسير خلف كل ناعق؟ فأصبحت تحكم على الآخرين بانحراف، وقصور في منهجهم، أو صفاتهم، أو أخلاقهم بمجرد سماع قصة، أو قراءة خبر، أو استماع شريط، أو حديث مجلس.
فأين ثبات الشخصية؟ وأين العقل المدرك؟ لماذا أصبحت كالريشة في مهب الريح تكفؤها أينما اتجهت بدون مبدأ ولا بصيرة تستنير بها؟! ثبات الشخصية يا أخي الحبيب! تعني قوة الثبات في وجه التيارات المنحرفة، والتمسك بالدين القويم، والنصح الصحيح، فاستمسك -بارك الله فيك- بما أنت عليه من الحق المبين، ولا يحركك تهيج المرجفين، فلا تبتئس بما يقولون ولا تحزن بما يفعلون.
فالثبات الثبات متوكلاً على مولاك، والله يتولى الصالحين {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً}[الرعد:١٧] .
واحذر! من المنشقين الجراحين المبذرين للوقت والجهد والنشاط في قيل وقال وكثرة السؤال عن تصنيف العباد، فهو ذنب تلبسوا به وبلوى وقعوا فيها، وادع لهم بالعافية، واحذر يا رعاك الله! عافانا الله وإياك، ووقانا الفتن ما ظهر منها وما بطن.