للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المقصود بالسحر الحلال]

والمقصود بالسحر هنا: الاستعارة، وإلا فإن حقيقة السحر: عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والأبدان، فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه أعاذنا الله وإياكم منه، وهذا النوع لا يوجد فيه حلال بل هو حرام وكبيرة من الكبائر، وصاحبه يكفر ويقتل ولا يستتاب.

وأما قصدنا هنا: فهو المدح، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (إن من البيان لسحراً) والحديث أخرجه مالك وأحمد والبخاري عن ابن عمر.

فيجوز أن يكون في معرض المدح؛ لأنه تستمال به القلوب ويرضى به الساخط ويستنزل به الصعب، كما جاء في لسان العرب.

ولا أظن يختلف اثنان فيما تفعله المرأة في قلوب الرجال، فهي بما وهبها الله من جمال ورقة ونعومة وعذوبة ألفاظ قد استمالت كثيراً من قلوب الرجال؛ حتى طارت ألبابهم وعقولهم.

ومن هذا قول الكميت:

وقاد إليها الحب فانقاد صعبه بحب من السحر الحلال المحبب

وهل يشك أحد في أن المرأة فتنة؟! فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء) .

والله عز وجل يقول: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران:١٤] .

فجعلهن في أول الشهوات المحببة للناس، فكيف لو استغلت المرأة فتنتها في الحلال، فكانت عوناً لزوجها؟ فإن (الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة) {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء:٣٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>