ثم إن من واجبنا تجاه المسلمين المستضعفين الذين يعيشون معنا وبيننا من العاملين والخدم والسائقين: حسن الخلق والمعاملة الطيبة، وإعطاءهم حقوقهم بدون ظلم ولا مماطلة.
إنهم إخوان لنا في الدين يعيشون أياماً قاسية، تغربوا عن الأوطان وتركوا الأهل والإخوان، وتشردوا في كل صقع، وثقلت عليهم أعباء الحياة، وتوالت عليهم نوائب الدهر، واشتد عليهم شظف العيش، تراكم كل ذلك على ظهورهم الضعيفة، وملأ نفوسهم الحزينة، فتساقطوا في طريق الحياة؛ فأصبحوا عرضة لأرباب الجشع والطمع.
أخبرني قبل أيام فقط أحد الإخوة عن عامل أصيب بالشلل النصفي يرقد الآن في المستشفى لكثرة مماطلة وظلم كفيله له! هذه صورة من ظلم العمال أعرف أنها تتكرر عشرات المرات مع عشرات الأشخاص، من ذا يسمع هذه الأنباء فلا يذوب قلبه حزناً؟ كيف يصلح الحال وأنت ترى في الناس من يقف موقف المتفرج؟ يسمع الأنين ولا يكترث، ويرى الدمع فلا يلتفت، بل يأبى بعضهم إلا أن يجرعهم غصصاً من الذل والهوان! إننا نخوف هؤلاء بالله الذي يقول:{وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ}[إبراهيم:٤٢] نخوفهم بالله الذي يقول: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشورى:٤٢] .
أيها الإنسان! اتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، احذر دعوة المظلوم أن تصيبك في نفسك أو زوجك أو ولدك أو مالك.
في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال:(من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، فقال رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟! فقال صلى الله عليه وسلم: وإن كان قضيباً من أراك) .
الله أكبر! ولو عوداً من سواك! إنها عدالة السماء {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[هود:١٢٣] .
أيها الأخ! بدل أن يرجع إلى بلده لينقل الصورة المضيئة للمسلمين وحسن تعاملهم في بلاد التوحيد، رجع وهو يحمل انطباعات سيئة، وذكريات مؤلمة، يحدث بها كل من قابله بسبب أمثال هؤلاء، وهم قلة إن شاء الله.
أيها الحبيب! كيف لو استفدنا من مجيء هؤلاء إلينا، أخلاقاً ومعاملة، ودعوة للدين الصحيح؛ لكسبنا الدين والدنيا معاً.