إن الله يحب أن يسأل ويغضب على من لا يسأله، فإنه يريد من عباده أن يرغبوا إليه ويسألوه، ويدعوه ويفتقروا إليه، ويحب الملحين في الدعاء، بل وينادي في كل ليلة:(هل من سائل فأعطيه؟ وهل من داع فأستجيب له؟) فأين المضطرون؟ أين أصحاب الحاجات؟! أين من وقع في الشدائد والكربات؟! أيها الأخ الحبيب اقرأ وانظر في حادثة الإفك، وفي حديث الثلاثة أصحاب الغار، وحديث المقترض الذي وضع المال في الخشبة وألقاها في البحر، وحديث الثلاثة الذي خلفوا، وغيرها من القصص النبوي في الصحاح والسنن.
فُرِج عنهم بسؤالهم الله، وإلحاحهم بالدعاء، رفعوا أيديهم إلى الله وأعلنوا الذل والخضوع لله، وهذا الذل لا يصلح إلا لله، لحبيبه ومولاه.
ذُل الفتى في الحب مكرمة وخضوعه لحبيبه شرف
فالعبودية لله عزٌ ورفعة، ولغيره ذل ومهانة.
وفي سؤال الله عبودية عظيمة؛ لأنها إظهار للافتقار إليه، واعتراف بقدرته على قضاء الحوائج.
فإذا ابتليت ببذل وجهك سائلا فابذله للمتكرم المفضال
كان يحيى بن معاذ يقول: يا من يغضب على من لا يسأله! لا تمنع من قد سألك.
وكان بكر المزني يقول: من مثلك يا ابن آدم؟! متى شئت تطهرت ثم ناجيت ربك، ليس بينك وبينه حجاب ولا ترجمان.
وسأل رجل بعض الصالحين أن يشفع له في حاجة إلى بعض المخلوقين، فقال له: أنا لا أترك باباً مفتوحاً وأذهب إلى باب مغلق.