[تطبيق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذبح الهدي وتوزيعه]
- الوسيلة التاسعة: الهدي في الحج دم يراق في سبيل الله في أيام من أعظم الأيام، والحاج إذا دخل المسالخ لا يستطيع أن يمشي على الأرض من كثرة الذبائح المتراكمة على بعضها، والتي تركت على حالها، ومن رأى هذا الوضع يتألم ويحترق قلبه على ضياع مثل هذه الأنعام وعدم استغلالها، وكأنه لا أخوان لنا في كل مكان يتمنون لقمةً يتبلغون بها، وهنا اقتراحات، منها: على الحاج أن يحسن ذبح ذبيحته، وليستغل كل جزء فيها، وليأكل منها وليوزع الباقي، فإنها عبادة عظيمة يؤجر عليها الإنسان، وكلما حرص وأخلص فهي كسائر العبادات، فعلى الإنسان أن يحرص على أن يؤدي هذه العبادة بنفسه، وأن يريق الدم بيده؛ فإن هذه العبادة من أعظم العبادات لله عز وجل.
فلماذا إذن هذا الإهمال العجيب من كثير من الناس؟ والله عز وجل يقول آمراً:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحج:٢٨] .
- الوسيلة العاشرة: على أصحاب الحملات ومن يذهبون جماعات إلى الحج أن يكلفوا خمسةً منهم -أقل أو أكثر- يجمعون المبالغ من الحجاج الذين شاركوهم، ويتجهون للأسواق فيشترون الأغنام أو الإبل، ويشرفون على ذبحها وتقسيمها ووضعها في أكياس، ثم ليسألوا عن الأحياء المحتاجة في مكة وما أكثرها، وليذهبوا بأنفسهم لتوزيعها، فكم من الأجر العظيم في ذلك، وإن كان العدد كبيراً فلا بأس من تقسيمها على مجموعات لتذهب كل مجموعة في كل يوم.
وأقول: وقد عمل مثل هذا العمل فوجدنا أن الفقراء في مكة بحاجة ماسة لمثل هذه الصدقة، فلماذا إذن نحرمهم؟ ولماذا نحرم أنفسنا الأجر، مع أن الأمر يسير ولا إشكال في مثل هذا العمل؟ - الوسيلة الحادية عشرة: في الهدي: إن لم يتمكن الحاج من ذلك، ولم يستطع أن يذبح أو يشرف على ذبيحته، فالأولى تسليمها إلى أفراد يثق بهم، أو إلى مؤسسات خيرية تقوم باستلام قيمتها وذبحها وتوزيعها على فقراء المسلمين، فهو أولى من ذبحها ورميها وتراكمها في مثل تلك المشاهد التي نراها.
وهنا أنبه كل مسلم، وكل محب للخير إلى إرشاد الناس للاهتمام بالهدي، وعدم إهماله أو اللامبالاة فيه، وأن نتناصح فيما بيننا كمسلمين، ولو عُمِل بعض الوسائل للأعاجم لإرشادهم في هذه القضية، كالإعلان عنها في الصحف والمجلات بمجموعة من اللغات، أو بعمل مطويات من قبل مكاتب الدعوة والجاليات، لكان أولى وأفضل.
ونسأل الله أن تتلاشى تلك المناظر المؤلمة من أكوام الذبائح التي تحرق وترمى، والمسلمون بأمس الحاجة لها، ولن يكون ذلك إلا بتعاون الجميع.