السبب الثاني: صحبة ذوي العزائم الواهنة والهمم الدنيئة: وهذا السبب من أكثر الأسباب تأثيراً، فالإنسان سريع التأثر بمن حوله، ولهذا كان التوجيه النبوي:(الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) والحديث أخرجه الترمذي في كتاب الزهد وأحمد في كتاب الأدب وقال الترمذي عنه حسن غريب وحسنه الألباني كما في صحيح الجامع.
أقول: إن هذا من أهم أسباب السلبية ودنو الهمة حتى وإن كان أصحابك من الصالحين، لا تعجب! نعم.
حتى وإن كان أصحابك من الصالحين ومن أهل الخير، فما داموا أصحاب همم ضعيفة وعزائم واهنة ولا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية، والأنس والضحك وقضاء الأوقات بدون فائدة فلا خير فيهم، بل إن صلاحهم حجة عليهم يوم أن يقفوا بين يدي الله عز وجل، فعلى العاقل ألا يغتر بصحبة الصالحين تاركاً عيوب نفسه، بل هذه حيلة نفسية يجب التنبه لها.
قال عمر بن عبد العزيز:[إن لي نفساً تواقة، لقد رأيتني وأنا بـ المدينة غلام مع الغلمان، ثم تاقت نفسي إلى العلم وإلى العربية والشعر فأصبت منه حاجتي وما كنت أريد، ثم تاقت نفسي وأنا في السلطان إلى اللبس والعيش والطيب فما علمت أن أحداً من أهل بيتي ولا غيرهم كان في مثل ما كنت فيه، ثم تاقت نفسي إلى الآخرة والعمل بالعدل فأنا أرجو ما تاقت نفسي إليه من أمر آخرتي] انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
هكذا تكون النفس التواقة، هكذا تكون النفس المؤمنة، كلما رغبت بأمر استطاعت أن تحصل عليه، هكذا تكون النفوس مجاهدة صابرة متحملة، حتى تنال ما تريد.
فجاهد نفسك يا أخي الحبيب! جاهدي نفسك أيتها المسلمة! لا نستطيع أن نصل إلى ما يريده الله عز وجل من العزة والتمكين إلا بمجاهدة هذه النفوس، لنجاهد أنفسنا ولنقل لها:
ذريني أنل ما لا ينال من العلا فصعب العلا في الصعب والسهل في السهل
تريدين إدراك المعالي رخيصة ولا بد دون الشهد من إبر النحل