[المراد من الفتاة المسلمة وما يراد لها]
فيا أختاه:
شدي وثاق الطهر لا تتغربي عن عالم الدين الحنيف الأوحد
شدي وثاق الطهر سيري حرة لا تخدعي بحديث كل مخرب
لك من رحال المجد أخصب بقعة ولغيرك الأرض التي لم تخصب
لك من عيون الحق أصفى مشرب ولعاشقات الوهم أسوأ مشرب
هزي إليك بجذع نخلتنا التي تعطي عطاء الخير دون تهيب
وقفي على نهر المروءة إنه يروي العطاش بمائه المستعذب
وإذا رأيت الهابطات فحوقلي وقفي على قمم الهدى وتحجبي
إن الحجاب هو التحرر من هوى ولاّدة ذات الهوى المتذبذب
وهو الطريق إلى صفاء سريرة وعلو منزلة ورفعة منصب
ولعلك تتسائلين ماذا نريد؟ فأقول: إن لك تأثيراً كبيراً في المجتمع، وقد يكون التأثير سلباً أو إيجاباً، فإن كنت ذا عقل ناضج كان لك تأثيرك البناء الفعال، وإن كنت ذات عقل خفيف طائش، أو عقل فاسد منحرف، كنت بؤرة فساد وإفساد للمجتمع وهدمه.
أُخيتي! أرجوك لا تزعجك صراحتي، فو الله إننا نستطيع كغيرنا أن نتلاعب بالعواطف، وأن ندغدغ المشاعر بكلمات الحب والغرام، وأن نجعلك تعيشين في عالم الأحلام.
نعم.
لا تعجزنا كلمات الغزل، ولا همسات العشاق، بل نتحدى كل من يعزف على أوتار المحبين! ولكن ماذا بعد؟ شتان بين من يريدك لشهوته، وبين من يريدك لأمته، نعم.
نريدك أن تكوني أكبر من هذا، نريدك أن تنفعي وتساهمي في بناء المجتمع ونهضته، لا كما يريدك الآخرون للغزل والحب والشهوة، والغناء والرقص والطرب، ألهذا خلقت فقط؟! وهل الحياة حب وعشق فقط؟! لماذا ننام على الشهوة ونصحو عليها؟! إن من النساء من لا تنام ولا تقوم إلا على غناء العاشق الولهان، أوقات لمشاهدة لقطات الحب والتقبيل، وأوقات لقراءة روايات العشق والغرام، وأوقات لتصفح مجلات الفن والغناء، وأوقات للهمسات والمعاكسات، لماذا عواطف فقط؟ أين العقل؟! أين الإيمان؟! أين المروءة؟! بل أين البناء والتربية والفكر والمبادئ والأهداف في حياة المرأة؟! أيتها الأخت! هل تعلمين وتفهمين أن هناك من يريد إبعاد المرأة عن دينها، وصدها عن كتاب ربها؟! وإن كنت لا تعلمين فيكفي ما تشاهدين من ذاك الركام الذي يزكم الأنوف من المجلات والأفلام والقنوات والأقلام والروايات، والتي لا هم لها إلا عبادة جسد المرأة من فن وطرب، وشهوة وجنس ومساحيق وموضات، فلماذا الاهتمام بالصورة لا بالحقيقة؟! وبالجسد لا بالروح؟! كم أتمنى أخيتي أن تفرقي بين من يحترم عقلك لا جسدك، ويهتم بملء الفراغ الروحي والفكري لديك، وبين من يهتم بالشهوة والجسد والطرب، فهل عرفت ماذا نريد؟! وأنت تقرئين القرآن قفي وتأملي قول الحق عز وجل: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الكهف:٧] .
فهل عرفت إذاً؟ إنه ابتلاء وامتحان، فاسألي نفسك هل نجحت أم رسبت في الامتحان؟! إنني ممن يطالب وبقوة بحقوق المرأة، وبالعدل بينها وبين الرجل، نعم بحقوق المرأة التي جاء بها الإسلام ليكرمها، وبخسها بعض الرجال بجهله وبظلمه وتسلطه، أقول بالعدل لا بالمساواة! أتدرون ما تعني المساواة؟! أن نجعل المرأة رجلاً، والرجل امرأة، وهذا انتكاس بالفطرة وجهل بحقيقة الخلقة لكل منهما، فإن الله تعالى خلقهما وجعل لكل منهما وظيفة وأعمالاً، لكل منهما دور في الأسرة والمجتمع يجب أن يقوم به في الحياة، وقد سبقت المرأة المسلمة غيرها في الإسهام الحضاري بمئات السنين، لكنها لم تخرج عن وظيفتها ولا طبيعتها، ولم تطلب أن تتشبه بالرجال أو تتساوى بهم في الطبيعة والوظيفة؛ لأن ذلك غير ممكن، وغير مستطاع، بل محال إلا إذا انتكست الفطرة، وانقلبت الموازين وتداخلت الأدوار، وفي هذا اضطراب للمجتمع، وتفكك وشقاء.
وإياك إياك أن تنسي الوظيفة الأولى والأصلية التي جعلها الله لك وهي أن تكوني ملكة بيت ومربية أجيال ورجال، فالزمي بيتك لتسعدي، ولنهب لك قلباً تحبينه ويحبك، فيريحك من النفقة، ويشبع غريزتك ويصونك من الذئاب المسعورة، وإذا كان لديك فضل من وقت ونشاط وهمة، فالمجتمع وبنات جنسك بأمس الحاجة إليك وإلى مواهبك، وبشرط الستر والعفاف، لكن تذكري وكرري دائماً (بيتي أولاً) .
أما جعل الوظيفة أولاً، وإهمال البيت والأولاد والتبرج والسفور والاختلاط وباسم الحرية المزعومة، فهذا والله خلل في المفاهيم وانتكاس في الفطر، وتجربة البلاد المجاورة تصدق ما يكذبه سفهاء الأحلام، فما أعظم الخطب! وما أشد المصيبة إذا اختل المنطق، وانتكست المفاهيم، وأصبحت العبودية والشهوات واللذات حرية ندعو لها.
هذا ما نريد باختصار، وإذا أردتِّ أن تعرفي ماذا يريدون؛ فاقرئي كتاباً نفيساً جداً بعنوان: ماذا يريدون من المرأة لـ عبد السلام بسيوني وهو أحد كتاب مجلة الأسرة، وهي مجلة جميلة أنصح بقراءتها إضافة إلى مجلة الشقائق، فهما شمعتان مضيئتان في طريق المرأة، وكتاب آخر بعنوان: يا فتاة الإسلام اقرئي حتى لا تخدعي لفضيلة الشيخ صالح البليهي رحمه الله، اقرئي أمثال هذه الكتب والمجلات لتتضح لك الحقيقة.