الصورة الثالثة: تصلي التراويح والقيام، فتسمع آيات القرآن، وتسمع الخنين والبكاء ينبعث في جنبات المسجد، فيسجد المصلون فإذا بأزيز كأزيز المرجل ينبعث من الصدور، غلبهم خوف الله وخشيته، فوجلت القلوب، وذرفت العيون، عندها ذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(لا يلج النار رجلٌ بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
في صلاة القيام وفي ثلث الليل الأخير يركعون، ويسجدون، ويدعون ويتضرعون، يبكون ويتأثرون، منكسرةً قلوبهم، دامعةً عيونهم، شاحبةً وجوههم، هجروا الفراش ولذة النوم، من أجل أي شيء؟ طلباً لمرضاة الله، طلباً لرحمة الله {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة:١٦-١٧] .
القانتون المخبتون لربهم الناطقون بأصدق الأقوال
يحيون ليلهم بطاعة ربهم بتلاوة وتضرع وسؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم مثل انهمار الوابل الهطال
بوجوههم أثر السجود لربهم وبها أشعة نوره المتلالي
إن لم يكن هؤلاء من الفائزين برمضان، فمن؟! الذين ينامون، أو يذهبون ويجيئون؟ أم أولئك الذين يلعبون ويلهون؟! اللهم لا تحرمنا أجر الصيام والقيام، واجعلنا ممن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، اللهم اجعلنا من الفائزين المقبولين يا رحمن يا رحيم.