للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أعذار لم تبح لأهلها ترك الصلاة]

الحمد لله القائل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة:٤٣] وهو نص في وجوب صلاة الجماعة ومشاركة المسلمين في صلاتهم، ولو كان المقصود إقامتها فقط لاكتفى بقوله في أول الآية {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} .

أخي الحبيب! يا من فقدناه في مسجد حينا! أرجوك أن تسمع هذه الكلمات، وأن تفكر بهذه الدلائل والبراهين الواضحات؛ إن كنت تريد الحق ونبذ الهوى.

ألم تعلم أن الله لم يعذر المسلم في حال الحرب بتركه للجماعة، بل أمره بها في وقت عصيب، يواجه المسلمون فيه عدوهم، فقال جل وعلا: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء:١٠٢] .

فهل تظن يا أخي الحبيب أن صلاة الجماعة تجب على هؤلاء في هذه الظروف الحالكة، ولا تجب على رجل يتقلب في فراشه الوثير آمناً مطمئناً معافى؟! ألم تعلم أن الله لم يعذر الأعمى بتركه للجماعة، بل أمره بها رغم ظروفه العصيبة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (أتى النبي رجل أعمى فقال: يا رسول الله؛ إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب) وفي رواية لـ أبي داود قال: (إني ضرير البصر شاسع الدار) .

وفي رواية لـ أبي داود أيضاً والنسائي قال: (يا رسول الله؛ إن المدينة كثيرة الهوام والسباع) .

أتظن -يا أخي الحبيب-: أن صلاة الجماعة تجب على هذا الصحابي الذي جمع بين فقد البصر وبعد الدار وخوف الطريق وعدم القائد، ولا تجب على المقصر المجاور للمسجد الذي يسمع عند كل صلاة أكثر من عشرين مؤذناً كلهم ينادي: (حي على الصلاة، حي على الفلاح) ؟! حتى المريض لم يعذره الله بترك الصلاة، بل أمره بها على أي حال وأي صفة قدر عليها.

فيا من فقدناه في صلاة الجماعة! هل تجد لك رخصة بعد هذه الأدلة؟! فإن لم يعذر هؤلاء فما هو عذرك غداً أمام الله؟! وما هي إجابتك في أول سؤال ستسأله؟! فإن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة عن الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>