إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: أيها الأحبة في الله! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه هي ليلة الثلاثاء الموافق للرابع عشر من شهر محرم من عام (١٤١٨هـ) وبهذا الجامع المبارك في مدينة الرس، وهذا هو الدرس الأول من سلسلة الدروس الشهرية في مكارم الأخلاق والآداب، وهو الرابع والأربعون في التسلسل العام، وعنوان هذا الدرس:(طريقنا للقلوب) .
وطريقنا أعني به: كل مسلم ومسلمة يحب أن تشيع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع الإسلامي، وكل مسلم ومسلمة يحب الخير والبر والمعروف والإحسان ومكارم الأخلاق.
أما القلوب فهي: قلوبنا جميعاً.
فنحن بحاجة لفن التعامل مع بعضنا لبعض، بحاجة إلى تعميق روابط الأخوة الإسلامية ومعانيها نحن بحاجة أيها الأحبة! إلى تحقيق القاعدة الشرعية:(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) كما في حديث أنس المتفق عليه.
بحاجة إلى الحوار الهادئ، والتعامل المهذب، والاحترام المتبادل، إلى أن نظهر محاسن هذه العقيدة؛ لنصبح نحن المسلمين قدوات لبعضنا، ومفاتيح خير لغيرنا من أهل الملل والنحل، بحاجة إلى أن نكسب قلوب بعضنا، وأن نكسب قلوب أهل الأديان الأخرى بصدق التوحيد، وحسن المعاملة، وجميل الأخلاق؛ لتذوق طعم الإيمان، ولتعرف حقيقة الإسلام.
نريد أن نكسب القلوب ليس بالمجاملة ولا بالمداهنة، ولا بتمييع ديننا ولا بتمزيقه، ولا بالتنازل عن المبادئ والأهداف، وإنما بمكارم الأخلاق، كما قال صلى الله عليه وسلم:(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) والحديث عند أحمد في المسند والبزار، وهو من بلاغات مالك في الموطأ، قال ابن عبد البر: هو حديث مدني صحيح متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره.