أيها الصديق! أيها الخل الوفي! تعال نتعاتب ولك الحق أن تعتب عليّ بجفوتي لك وهجري إياك -كما تقول- فتشكو قلة زيارتي، ولكن لو كنت آتيك على نحو ما تستحق لأتيتك كل يوم، وأقول لك كما قال أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: إن لي إخواناً لا ألقاهم إلا في كل سنة مرةً، لأنا أثق بمودتهم ممن ألقى كل يوم.
وإن زرتنا فبفضلك، وإن زرناك فلفضلك، فلك الفضل زائراً ومزوراً
يا نسيم الروض في السحر ومثال الشمس والقمر
إن من أسهرت مقلته لقرير العين بالسهر
فمثلك يعتذر لمثلي، وتعلم انشغالي في أمور لا تتسع معها أوقات الزيارة.
قال أبو الحسن بن قريش: حضرت إبراهيم الحربي وجاءه يوسف القاضي ومعه ابنه أبو عمر فقال له: يا أبا إسحاق! لو جئناك على مقدار واجب حقك لكانت أوقاتنا كلها عندك، فقال: ليس كل غيبة جفوةً ولا كل لقاء مودةً، وإنما هو تقارب القلوب.
فيا أيها الحبيب! إن صبرت وعذرت فحسبي أن تكون كمن قال: