[أسباب اختيار الموضوع]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: أحبتي في الله! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نلتقي في يوم الإثنين الموافق للسابع والعشرين من الشهر الثامن لعام (١٤١٤هـ) ومع موضوع بعنوان: ثلاثون وسيلة لاستغلال رمضان، ولعل هذه الوسائل ازدادت بعد الإعلان وتواصل الإخوة بارك الله فيهم جميعاً، فأصبح العنوان: (أربعون وسيلة لاستغلال رمضان) ولعلنا لا نخرج من هذا المكان إلا وقد زيدت هذه الوسائل وهذه الأفكار من قبلكم -إن شاء الله- باقتراحاتكم وآرائكم إلى الخمسين أو فوق ذلك.
وهذه الوسائل هي عبارة عن جمع عدد من التوجيهات والأفكار والمقترحات لاستغلال رمضان، ولابد لهذه الوسائل من شرطين حتى تكون الوسيلة صحيحة: أولاً: أن تكون وسيلةً مشروعةً، أي: مباحة.
وثانياً: أن تؤدي هذه الوسيلة الغرض المطلوب والمقصود منها.
أما أسباب اختيار الموضوع، فمن هذه الأسباب: أولاً: كيف نستغل رمضان؟ وماذا نفعل في رمضان؟ سؤال نسمعه كثيراً من الحريصين والحريصات، ومن بعض أئمة المساجد، ووجود هذا السؤال من المبشرات، فتبقى الإجابة، ومن هذه الإجابة هي جمع هذه الوسائل.
سبب ثانٍ: تضييع ليالي رمضان باللهو والسهر، ونهاره بالنوم والكسل، فذكر هذه الوسائل وحصرها توجيهات لمثل هؤلاء، وتشجيعاً لاستغلال رمضان.
وسبب ثالث: وهو ترشيداً لهذه الصحوة المباركة، وتوجيهاً لطاقاتها للعمل والعبادة والدعوة إلى الله من خلال هذه الأفكار والوسائل.
وسبب رابع: يمر على الإنسان رمضان تلو رمضان، وهكذا تمر الرمضانات بدون رصد للأعمال والمواضيع والمشاريع، وبدون تدارك للأخطاء والتقصير، مما يجعلنا في كل رمضان يأتي نبدأ من جديد، ولا شك أن هذا مضيعة للأوقات والأعمار، فكان هذا الرصد لهذه الوسائل.
سبب خامس: لو لم يكن في شهر الصوم إلا أنه أحد أركان الإسلام التي لا يتم إسلام المرء إلا بها، ثم أيضاً أنه العمل -أي: الصيام- الذي اختصه الله سبحانه لنفسه من بين عمل ابن آدم كله، ثم أيضاً فيه ليلة هي أفضل من ألف شهر، وأنه الشهر الذي اختصه الله بنزول القرآن، وأنه شهر المغفرة ومحو الذنوب والسيئات، لو لم يكن في هذا الشهر إلا هذه الأمور لكفاه شرفاً ومنزلة، ولكفانا حرصاً وإصراراً على استغلال أيامه وساعاته وكل لحظة من لحظاته.
وهذا الاستغلال منطلق من سنته صلى الله عليه وآله وسلم، فاسمع لـ ابن القيم رحمه الله تعالى وهو يقول في زاد المعاد في الجزء الثاني صفحة [٣٢] : (فصل: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن، والصلاة والذكر والاعتكاف، وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره، حتى إنه كان ليواصل فيه أحياناً؛ ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة) إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.
إذاً: فاستغلال هذا الشهر المبارك، بل أقول: استغلال كل لحظة من لحظاته وساعة من ساعاته هو أمر وسنة نبوية، كان صلى الله عليه وآله وسلم يحرص عليها كل الحرص وكان يحث أصحابه.
هذه الأسباب الخمسة وغيرها جعلتني أختار مثل هذا الموضوع.
وهذه الوسائل -كما ذكرت- هي أربعون وسيلة، وقد قسمت هذه الوسائل إلى أقسام، منها ما هو توجيهات وأفكار عامة، ومنها ما هو وسائل وتوجيهات لأئمة المساجد، ومنها توجيهات وأفكار للجادين فقط، ومنها توجيهات وأفكار في الاهتمام بالقرآن، ومنها توجيهات للمرأة، ومنها وسائل وأفكار للصغار.
وتنبيهات قبل أن أبدأ بعرض هذه الوسائل: أولاً: سيكون العرض بالاختصار الشديد في طرح الأفكار والتوجيهات بقدر الإمكان، فأكتفي في بعض الأحيان بذكر المضمون فقط لوضوح الفكرة ولضيق الوقت، فلعلكم -بارك الله فيكم- تعذروننا في سرد هذه الأفكار والتوجيهات، والقصد منها المعرفة والبيان، أما التفصيل فلا شك أن كل فكرة وتوجيه يحتاج إلى درس خاص، وإذا كانت الأفكار أربعين فكرة أو وسيلة، فلو أعطينا كل وسيلة أو فكرة دقيقتين فقط، لرأيتم كيف سيذهب علينا الوقت بدون أن نشعر.
التنبيه الثاني: من هذه التوجيهات ومن هذه الوسائل ما هو مكرر ومعلوم ومشهور، لكن ذكرها من باب التذكير والإرشاد ولتكامل الموضوع، ثم للتأكيد عليها في هذا الشهر الكريم الذي تضاعف فيه الحسنات.
تنبيه ثالث: هذه الوسائل والأفكار هي للنشر ويجوز فيها الزيادة والنقصان، فحقوق الطبع والنشر فيها ليست محفوظةً، بل هي وقف لله تعالى، فعلى كل داع للخير أن ينشرها ويذكر بها، والدال على الخير كفاعله.