[محرومون من لذة الأخوة في الله]
ومن المحرومين من حرم لذة الأخوة في الله، حرم الرفقة الصالحة التي تذكره الخير وتعينه عليه، إن الجليس الصالح لا تسمع منه إلا كلاماً طيباً، أو دعاءً صالحاً أو دفاعاً عن عرضك.
فيا أيها المحروم من الأخوة في الله! إنك بأمس الحاجة إلى دعوة صالحة وإلى كلمة طيبة، إنك بأمس الحاجة إلى من تبث له أشجانك وأحزانك، إنك بأمس الحاجة إلى صادق أمين وناصح مخلص، إنك بأمس الحاجة إلى أخ يتصف بالرجولة والشهامة.
أتراك تجد هذه الصفات بصديق الجلسات والضحكات والرحلات والمنكرات؟! أيها المحب! أعد النظر في صداقاتك، استعرض أصدقاءك واحداً بعد الآخر، اسأل نفسك ما نوع الرابط بينكما؟ أهي المصالح الدنيوية؟ أو الشهوات الشيطانية؟ أم هي الأخوة الإسلامية؟ كل أخوة لغير الله هباء، وفي النهاية همٌّ وعداء، لاشك أنه مر بك قول الحق عز وجل: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:٦٧] .
أيها المحروم من لذة الأخوة في الله! راجع صداقاتك قبل أن تقول يوم القيامة: {يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً} [الفرقان:٢٨-٢٩] .
راجع أحبابك وخلانك، فإنك ستحشر معهم يوم القيامة، فقد قال حبيبك صلى الله عليه وآله وسلم: (يحشر المرء مع من أحب) فمن أي الفريقين أحبابك؟
قرينك في الدنيا وفي الحشر بعدها فأنت قرين لي بكل مكان
فإن كنت في دار الشقاء فإنني وأنت جميعاً في شقا وهوان
أيها المحروم، كم كسبت من صفات ذميمة، وكم خسرت من صفات حميدة بسبب أصحابك.
تقول لي: لماذا؟ أقول لك: لأن الطبع سراق: (وقل لي: من تصاحب؟ أقول لك: من أنت) والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) .
ابل الرجال إذا أردت إخاءهم وتوسمن أمورهم وتفقد
فإذا وجدت أخا الأمانة والتقى فبه اليدين قرير عين فاشدد
إن للأخوة في الله حلاوة عجيبة ولذة غريبة لا يشعر بها إلا من وجدها، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، وذكر منها: وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله) .
وفي الأثر المشهور: (لولا ثلاث ما أحببت البقاء في الدنيا، وذكر منها: مجالسة إخوة ينتقون أطايب الكلام كما ينتقون أطايب التمر) فكم من محروم حرم الأخوة في الله.