للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلمة الثانية عشرة: العقيدة والسيرة صفاء للظاهر والسريرة]

كيف يسمي طالب العلم نفسه طالباً وهو لم يتمكن من معرفة العقيدة وغاياتها وأهدافها، بل وتحقيق ثمارها؟! فما معنى أنك صاحب عقيدة؟ وما معنى أنك صاحب غاية وهدف؟ وهل سألت نفسك يوماً من الأيام: لماذا تطلب العلم؟ وهل أنت على استعداد للإجابة يوم تسأل (وعن علمه ماذا عمل به) ؟ قال الدكتور ناصر العقل في كتابه مقدمات في الأهواء: إن قاعدة: {أَن اعْبُدُوا اللَّهَ} [النحل:٣٦] تعني: تحقيق التوحيد والعقيدة السليمة، وطاعة الله والتزام شرعه، وقاعدة: {وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:٣٦] تعني: تجنب الأهواء والافتراق والبدع وما تئول إليه من الشرك والكفر والظلم والفسق والإعراض عن دين الله، وكل الدين جملة وتفصيلاً يدور على هاتين القاعدتين، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَن اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:٣٦] .

يا طالب العلم! كيف يسمي طالب العلم نفسه طالباً وهو لا يعرف كيف كانت سيرة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وما فيها من الفضل والرحمة والهدى؟! إن أهل العلم من سلفنا رضوان الله تعالى عليهم كانوا يحفظون سيرته عن ظهر قلب ويعتبرونها من أجل القربات، فهذا ابن القيم كتب زاد المعاد في هدي خير العباد وهو من أفضل كتب السيرة كتبه وهو في طريقه للحج.

وانظر إليه وهو يقول في المقدمة: هذه كلمات يسيرة لا يستغني عن معرفتها من له أدنى همة إلى معرفة نبيه صلى الله عليه وسلم وسيرته وهديه، اقتضاها الخاطر المكدود على عجره وبجره، مع البضاعة المزجاة التي لا تنفتح لها أبواب السدد، ولا يتنافس فيها المتنافسون، مع تعليقها في حال السفر لا الإقامة، والقلب بكل واد منه شعبة، والهمة قد تفرقت شذر مذر، والكتاب مفقود -إذاً فهو يمليها أو يكتبها من قلبه وعلمه رحمه الله- ومن يفتح باب العلم لمذاكرته معدوم غير موجود -يعني: الطلبة- إلى آخر كلامه هناك.

فيا طالب العلم! خشية الله والعلم النافع بتكرار النظر في سيرة سيد البشر: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ} [التوبة:١٠٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>