[عدم التساهل مع الزوجة فيما يغضب الله]
قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:٧٨-٧٩] .
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦] .
وقال جل وعلا: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:٣٤] .
وبعض الرجال -وللأسف- تنازل عن هذه القوامة، وضعف أمام إغراءات المرأة، وأمثلة ذلك: تبرج زوجته أو بناته في المناسبات والأفراح، ولبس الملابس الضيقة والمفتوحة والبنطلونات، وغير ذلك مما نسمعه ويتناقله الناس.
وأيضاً من ذلك: خروج نسائه إلى الأسواق بدون محرم فتخاطب البائع وتجادله، وربما تكسرت بكلماتها، وقد يحدث هذا والزوج الضعيف موجود! وأيضاً من ذلك: إدخال الأجهزة والأفلام والمجلات وغير ذلك من وسائل الإعلام الهابطة لبيته بدون أن يحرك ساكناً أو أن يفعل تجاه ذلك شيئاً! وغير ذلك من المحرمات التي استهان بها كثير من الأزواج فغلبته نساؤه عليها؛ وكل ذلك مما جعل حياته جحيماً، والدليل (فمن أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) فلا زوجته ولا أولاده ولا هو راض حتى عن نفسه، فهو في غم وهم.
وانتبهوا -واسمع أيها الزوج واسمعي أيتها الزوجة- لهذه الكلمة، أقول: كل خلاف يجري بين الزوجين كبر الخلاف أم صغر؛ إنما هو بسبب معصية الله تعالى قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:٣٠] .
واسمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يتعامل مع أزواجه، ففي صحيح مسلم عن عائشة قالت: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متسترة بقرام فيه صورة؛ فتلون وجهه، ثم تناول الستر فهتكه ثم قال: إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله) .
فيا سبحان الله! كم من صورة وكم من تمثال في بيوت المسلمين اليوم! وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة) كما في حديث أبي طلحة عند مسلم، والبيت إن لم تدخله الملائكة دخلته الشياطين.
ثم نعرف بعد ذلك سبب كثرة المشاكل في كثير من البيوت فقد عشعش الشيطان في هذا البيت؛ بسبب كثرة الصور والمشاكل ووسائل الإعلام المفسدة في البيت؛ فلم يعد هناك وجود للملائكة، ولم يكن هناك تطهير لهذا البيت فلا شك حلت المشاكل والهم والغم بين الزوجين.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول -أيضاً-: (كلكم راع ومسئول عن رعيته إلى قوله: والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته) .
واسمع لهذا الحديث فإنه مخيف مرعب! قال صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة) .
أليس من الغش إدخال وسائل الإعلام، والأفلام، والمجلات الهابطة، أو حتى السماح بدخولها؟! والله إن لم يكن من الغش فما ندري ما هو الغش!! أليس من الغش عدم مراقبة الزوج للباس زوجه وبناته وأولاده عند الخروج للمناسبات والأسواق؟! إن لم يكن هذا من الغش فلا ندري والله ما هو الغش!! وأيضاً في الحديث السابق الذي ذكرناه عن صفية (أن النبي صلى الله عليه وسلم انطلق إلى زينب، فقال لها: إن صفية قد أعيا بها بعيرها فما عليك أن تعطيها بعيرك؟! قالت زينب: أتعمد إلى بعيري فتعطيه اليهودية؛ فهجرها الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر فلم يقرب بيتها، وعطلت زينب نفسها، وعطلت بيتها، وعمدت إلى السرير فأسندته إلى مؤخرة البيت، وأيست أن يأتيها الرسول صلى الله عليه وسلم، فبينما هي ذات يوم إذا بوجس رسول الله صلى الله عليه وسلم -أي بخياله- فدخل البيت فوضع السرير موضعه، فقالت زينب: يا رسول الله! جاريتي فلانة قد طهرت من حيضتها اليوم هي لك، فدخل الرسول صلى الله عليه وسلم عليها ورضي عنها) .
وفي حديث -أيضاً- أخرجه مسلم في صحيحه رواه عبد الله بن مسعود في حديث: (لعن الله الواشمة والمستوشمة، والمتنمصة، والمتفلجة إلى آخر الحديث، قال في آخره: فقالت امرأة: إني أرى من ذلك شيئاً على امرأتك -تقصد عبد الله بن مسعود - قال: اذهبي وانظري، فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئاً، فجاءت إليه فقالت: لم أر شيئاً، قال: أما لو كان ذلك لم نجامعها) .
أي: لم نصاحبها، ولم نجتمع نحن وهي، بل كنا نطلقها ونفارقها.
هكذا كانوا رضوان الله تعالى عليهم، لم يكونوا يرضون عن فعل المرأة إن كان فعلها يغضب الله عز وجل، {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} [طه:٨١] .