[قبل الهاوية]
أيها الأخ الحبيب! ويا أيتها الأخت الغالية! لست بعيدة، وإنك قريب جداً، إن السعادة والراحة في الاستقامة وأنت قريب منها، المهم أن يكون عندك العزم والهم الصادق.
قال ابن القيم في الفوائد: اخرج بالعزم من هذا الفناء الضيق المحشو بالآفات إلى ذلك الفناء الرحب الذي فيه ما لا عين رأت، فهناك لا يتعذر مطلوب ولا يفقد محبوب.
انتهى كلامه.
فيا أيها المحب! ارجع إلى فطرتك وإلى الخير في نفسك، ستجد أنك قريب من الهداية، والهداية قريبة منك.
فإذا استقام على الهداية ركبنا يخضر فوق هضابنا الإقدام
وترف أغصان السعادة فوقنا وتزول من أصقاعنا الأسقام
إن الدنيا بأموالها ومناصبها وقصورها لا تستحق قطرة دمعة منك، أو حتى هماً أو زفرة من زفراتك، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً ومتعلماً) كما عند الترمذي، والله عز وجل يقول: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ} [العنكبوت:٦٤] .
فيا أيها المحب! إن نفسك غالية، وربما اليوم أو غداً أو بعد غدٍ قالوا: مات فلان، والموت حق، ولكن شتان بين من مات على صلاح وهداية وبين من مات على فسق وغواية، فإياك والغفلة وطول الأمل والاغترار بالصحة.
فكم من صحيح مات من غير علة وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
ربما تضحك، وتسعد وتنام مسروراً، وقد لا تصبح:
يا راقد الليل مسروراً بأوله إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
فيا أيها الأخ! ويا أيتها الأخت! بادرا إلى الفضائل وسارعا إلى الصفات الحميدة والأفعال الجميلة، وكل ذلك بالإيمان الصادق بالله عز وجل.
نسأل الله عز وجل أن يتوب علينا جميعاً، وأن يغفر لنا جميعاً، وأن يجعلنا من الصادقين الصالحين المصلحين، اللهم تب علينا توبة صادقة نصوحاً، اللهم اغفر لنا وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين! سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.