ثانياً: من مظاهر الرجل الصفر: الرضا بالدون مع القدرة على ما هو أفضل وأحسن، قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: من علامة كمال العقل علو الهمة، والراضي بالدون دنيء.
ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام
والله أيها الأحبة! إني على ثقة أن في شبابنا وفتياتنا ورجالنا ونسائنا خيراً كثيراً، وأن في وسعهم وطاقاتهم الكثير الكثير، ولكن السلبية تلك الداء العضال -أعاذنا الله وإياكم منها- إن الله يربي المؤمنين على التطلع إلى أعلى المقامات، فيقول سبحانه على لسانهم:{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}[الفرقان:٧٤] .
انظر {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}[الفرقان:٧٤] لم يقل سبحانه وتعالى: واجعلنا من المتقين! ولكنها تربية على الهمة العالية والعزيمة الصادقة {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}[الفرقان:٧٤] .
إن الله عز وجل يريد منك أيها الأخ الحبيب! ويريد منك أيتها المسلمة! أن تكون ذا همة عالية، لا أن تكون من المتقين فقط، بل أن تكون إماماً للمتقين، وأن تكوني إمامة للمتقيات، هكذا يريد الله عز وجل أن يربي هذه النفوس، واسمع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول:(إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى) لماذا هذا الأمر؟! (فاسألوه الفردوس الأعلى) لأن المسلم صاحب مبدأ، وهو على الحق فإن عاش عاش عزيزاً، وإن مات مات شهيداً، والله معه مؤيداً وحافظاً، والجنة مستقره وموعده.
إذاً: فهو يملك جميع المقومات لأن يكون سيداً على وجه هذه الأرض، وأن يكون إماماً للمتقين، فما الذي يردك أيها الأخ الحبيب؟! ما الذي يردك وأنت على عزة حياً كنت أو ميتاً؟ هكذا يربي الله، وهكذا يربي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه وأمته، أن يسألوا الله الفردوس الأعلى، إن أقصى همة أحدنا إذا ذكرت الجنة أن يسأل الله الجنة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يربي فينا التطلع إلى أعلى المقامات، وعدم الرضا بالأمور الدنية، ولذلك:(إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى) .