وعن سؤال آخر أجاب (٥٠%) أن للإعلام والمجلات ومسلسلات الحب والغرام أثراً في حياتهن وعلى أفكارهن وعقولهن، وقال:(٤٦%) أنه ليس لذلك أثر في حياتنا ولا على الفكر والعقل، وربما استغرب البعض وهو يسمع هذه النسب الخاصة بالإعلام، فإن المشهور أن للإعلام اليوم أثراً كبيراً في حياة الناس، ولعل السر هنا أن الكثير من الناس لا يشعرون أن ما يشاهدونه ويقرءونه عبر وسائل الإعلام له أثر كبير في حياتهم، أو أن البعض يشعر لكنه يتصنع الشخصية المستقلة التي لا تتأثر خوفاً من الاتهام بالتبعية والتقليد، والعجيب أنك لو سألت هؤلاء: هل للإعلام أثر على الآخرين؟ لأجاب وبسرعة: بنعم، وهذا ما حصل، فقد أجاب (٦٠%) بـ (لا) عندما سئلن: هل للقنوات تأثير عليك؟ وعندما سئلن هل للقنوات تأثير على الآخرين؟ أجاب (٩٣%) بـ (نعم) سبحان الله! (٥٥%) ذكرن أن الآثار سلبية و (٣٨%) ذكرن أن الآثار سلبية وإيجابية، وهكذا فنحن نجيد فن اتهام الآخرين، أما اتهام النفس، والشجاعة في مواجهتها ومصارحتها، فآخر ما يفكر به الحيارى وضعاف النفوس.
أما البحوث والدراسات فقد أثبتت أن الذين يتعرضون لفترات طويلة لوسائل الإعلام يتصور لديهم عالم خاص من صنعهم، وهو في الواقع عالم مزيف مليء بالحقائق والأرقام الوهمية، وأما الاعترافات بأن للإعلام أثر في الحياة، وعلى الفكر والعقل فاسمعي بعضاً منها ومن مجلة تحت العشرين في عددها [٢٧] تقول فتاة: أحلم أن أصبح فنانة مشهورة تملأ صوري الصحف والمجلات، ويشير المجتمع إلي في كل مكان، ولهذا فإنني أتابع بحرص شديد كل أخبار فنانتي المفضلة، والتي اعتبرها مثلي الأعلى، وأراقب بدقة حركاتها وأسلوبها، سواء في التمثيل أو الحياة، ومن يدري قد أصبح يوماً في مثل شهرتها.
وتقول فتاة أخرى: إنها تحب هذا الفنان كثيراً، فصوره تملأ كل مكان في غرفتي، وأرفض أن ينتقده أي إنسان؛ ولو كانت صديقتي المقربة.
وتقول ثالثة: أنا أعشق عالم الموضة والأزياء، وتبهرني كثيراً عارضات الأزياء لرشاقتهن وطريقتهن في الحركة والمشي، وأحاول قدر الإمكان تقليدهن في حركاتهن حتى أنني أتبع رجيماً قاسياً لأصل لنفس القوام الذي يتمتعن به.
ولا أدري أقرأت هذه وأمثالها توبة فابيان أشهر عارضة أزياء فرنسية؟ وهل هي سمعت قولها: إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرد صنم متحرك، مهمته العبث بالقلوب والعقول، فقد تعلمت كيف أكون باردة قاسية مغرورة، فارغة من الداخل، لا أكون سوى إطار يرتدي الملابس، فكنت جماداً يتحرك ويبتسم ولكنه لا يشعر، كنا نحيا في عالم الرذيلة بكل أبعادها والويل لمن تعترض عليها وتحاول الاكتفاء بعملها فقط إلى آخر حديثها، من جريدة المسلمون عدد (٢٣٨) .
فهل نستيقظ؟! وهل نستفيد من تجارب الآخرين الذين سبقونا في مثل هذا الطريق؟