الوسيلة الثامنة عشرة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن عظيم من أركان الدين، بتركه تكثر الأخطاء والعيوب، وتنتشر المنكرات ويتفشى الجهل، ويضيع الحق، بل قد يصبح الباطل حقاً، وهو من أعظم صفات المؤمنين والمؤمنات، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة:٧١] .
والتناصح بين المؤمنين والمؤمنات سبب لنشر الحب والإخاء، وصفاء النفوس، وكل مسلم ومسلمة يريد أن يكون محبوباً عند الآخرين، يريد أن يملك قلوب الآخرين بحسن خلقه، ويريد أن يصل إلى الكمال الخلقي الإنساني، ولن يكون ذلك أبداً إلا بأن نعرف عيوبنا، ونعالج هذه العيوب، ونتقبل هذه العيوب بصدر رحب ونفس راضية، ولا يمكن علاجها إلا بمعرفتها، ومن الصعب أن يرى الإنسان عيب نفسه أو أثر عيوب نفسه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:(المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه) والحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود من حديث أبي هريرة وقد حسنه العراقي كما في تخريج الإحياء.
- الوسيلة التاسعة عشرة: وهنا اقتراح على كل مخيم وحملة للحج، بوضع صندوق صغير تحت مسمى: صندوق المناصحة أو صندوق التناصح، ويوضع في مكان بارز للجميع، وكل من لاحظ على أخيه أمراً سلباً كان أو إيجاباً فإن من العدل أن نذكر محاسن الشخص كما نذكر مساوئه وأراد أن يكتب لأخيه كلمات ناصحة رقيقة، فإنه يكتبها ويضعها بظرف ويكتب عليها اسم المرسل إليه ويضعها في هذا الصندوق، ويكون هناك شخص أمين يحمل الرسائل إلى أصحابها، ولو وضع بجانب الصندوق -أيضاً- أقلاماً أو أوراقاً وظروفاً لكان أجمل ليسهل على الكاتب الأمر.
ولو عُمِل ذلك لرأينا آثاراً جميلةً على أفراد المخيم والرحلة، ولرجع كثير منا وقد سدت تلك العيوب التي ربما تراكمت عليه بدون أن من أحد يناصحه من إخوانه فيها، ولذلك لنجرب ولنقم بمثل هذا الأمر في رحلاتنا وحملاتنا.
بل أقول: لو جرب ذلك حتى في مؤسساتنا ومدارسنا وشركاتنا لوجدنا أن التناصح قد يجد له طريقاً؛ لأن كثيراً من الناس ينعقد لسانه عندما يريد أن يناصح أخاً له في منكر أو في عيب أو ملاحظة عليه، لكن إن كان الأمر عن طريق الكتابة والتسجيل فقد يسهل ذلك عليه، فلنجرب ذلك، وقد جُرِّب فآتى ثماراً نافعةً.