ولماذا كسب القلوب؟ ليس من أجل الدنيا، ولا متاعها ولا زخرفها، ولا من أجل أنفسنا وإظهار محاسنها وتواضعها، لا والله! بل ولا من أجل تملق الناس وطلب محامدهم وثنائهم؛ إنما من أجل ربنا تعبداً وتقرباً (فإن الله يحب معالي الأخلاق، ويبغض سفسافها) كما في المعجم الكبير للطبراني وإسناده صحيح كما قال العراقي.
واتباعاً لحبيبنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم، فقد كان أحسن الناس خلقاً، وكسباً لحب وقرب نبينا يوم القيامة كما قال صلوات الله وسلامه عليه:(إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً) والحديث أخرجه الترمذي وحسنه.
وتطبيقاً لتعاليم شرعنا وآداب ديننا قولاً وعملاً، وسراً وعلناً، فقد قال صلى الله عليه وسلم:(وخالق الناس بخلق حسن) وشوقاً للجنان وتثقيلاً للميزان يوم أن نلقى الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم:(فأكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق) كما عند الترمذي وقال عنه: صحيح غريب (وما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن) كما في الترمذي وأبي داود، وتخلقاً وتأدباً وإيماناً (فأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) كما في الترمذي وقال: حسن صحيح.
والله عز وجل يقول عن رسوله صلى الله عليه وسلم:{وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران:١٥٩] .
إذاً: فهذه الفضائل وأمثالها مما يحثنا ويشجعنا على اكتساب محاسن الأخلاق، وتطبيع نفوسنا عليها، إخلاصاً لوجه الله، وطلباً لرضاه فهي عبادة عظيمة وقربة من أجَلِّ القربات (فإن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم) كما عند أبي داود من حديث عائشة وصححه الألباني كما في الصحيحة.
إذاً: فهذا هو طريقنا للقلوب، خططته لكثرة شكاية الناس بعضهم من بعض، فالزوج يشكو من سوء تعامل زوجه، والطالب يتظلم من أخلاق أستاذه، والموظف يتسخط من رئيسه ومديره، والمكفول يئن ويتوجع من سوء تصرف كفيله، حتى الصاحب لم يسلم من صاحبه وخليله، فبحثت عن العلاج فكان هذا الموضوع.
إذاً: فهو رسالة إلى كل مسلم ومسلمة إلى كل الطيبين والطيبات إلى كل المعلمين والمعلمات إلى كل الأزواج إلى كل موظف إلى كل مسلم يسافر خارج البلاد إلى كل أحد يحب أن يرى الألفة والمحبة ترفرف على المجتمع الإسلامي.