للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشعور بالعزة والتمكين في وقت الضعف عند المسلمين]

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذه ليلة الإثنين الموافق للتاسع عشر من الشهر العاشر للعام (١٤١٥هـ) وفي هذا الجامع المبارك بمدينة عيون الجوى يتجدد اللقاء مع هذه الوجوه الطيبة المباركة، وموضوع هذا اللقاء هو بعنوان (بشائر ومبشرات) .

وفي وقت تكالبت فيه المصائب والمحن على المسلمين، والجراح تنزف في كل جزء من جسد هذه الأمة، وتحشرجت فيه النفوس، وضاقت فيه القلوب، حتى أصاب كثيراً من الناس اليأس والقنوط، فما إن تذكر الأمة الإسلامية حتى تسمع الزفرات والآهات والحوقلة والاسترجاع وكأن الأسباب تقطعت، والآمال تدثرت.

أيها الأحبة: في هذا الوقت العصيب، وفي مثل هذه الظروف أزف إليكم هذه البشائر وهذه المبشرات.

أزفها إليكم لترسم أشعة الفجر الجديد، ولتملأ النفوس المسلمة بالثقة واليقين، وأزفها إليكم لتشعر القلوب الحية بالعزة والتمكين، وليشْرَق بها أعداء الدين، وليغُصَ بها المنافقون والمبطلون.

أسوق إليكم هذه البشائر والمبشرات، وأزفها إليكم تذكيراً للغافل، وتنشيطاً للذاكر أزف إليكم هذه لتحيا بها النفوس الأبيّات.

بشراكم أيها الأحبة! إن ميلاد الأمة قريب، ولا بد للميلاد من مخاض ولا بد للمخاض من آلام، ومن رحم الظلام يخرج النور.

والليل إن تشتد ظلمته فإن الفجر لاح

أبشر فهذا الفجر لاح ها نحن جئنا يا صلاح

قد أدبر الليل العميل وجاء للدنيا صباح

ما دام عرقي نابضاً لن تعرف النفس ارتياح

حتى أرى شعبي وليس له عن الأقصى براح

إن العالم الإسلامي بأسره يعيش لحظات عصيبة، وساعات حرجة يخطها القلم، ويسجلها التاريخ، وما عليك فقط إلا أن تقرأ إن كنت ممن يقرأ صحيفة، أو تنظر في مجلة، أو تسمع لنشرة أخبار لتقف بنفسك على حال المسلمين في كل مكان، وما لم يذكر ويغفل فهو أكثر.

ففي البوسنة والهرسك ملايين القتلى والمشردين الأطفال اليتامى، والنساء الثكالى، والمساجد مهدمة، والدماء تسيل، أكثر من خمسين ألف مسلمة ينتهك عرضها في البوسنة والهرسك فقط، فما بالك بـ كشمير والفلبين وطاجكستان والشيشان والصومال وأفغانستان وأراكان وألبانيا وكوسوفو، بل في كل بقعة يذكر فيها اسم الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>