ومن الأدعية عند الهمّ والقلق ما أخرجه أحمد في المسند من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب أحد قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجا) وفي رواية: (فرحا) قال: (فقيل: يا رسول الله! ألا نتعلمها؟! فقال: بلى.
ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها) صححه ابن حبان وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات الربانية.
أيها الأخ! إن الإنسان منا ضعيف، فكيف إذا اجتمعت عليه الهموم والأحزان، وشواغل الدنيا ومشاكلها فزادته ضعفا، وجعلته فريسة للهم والقلق والتمزق النفسي.
انظر إلى العيادات النفسية وكثرة المراجعين لها، شباب وفتيات في أعمار الزهور، أين هؤلاء من الاعتصام بالله والاتصال والشكوى إلى الذي قدّر الهموم والغموم، وقضى بالمصائب والأحزان؟ يتصل به متذللا معترفاً بذنبه طارقاً بابه مستعيناً به، مستيقناً بأنه هو القادر على كشفها دون سواه، وما سواه إلا أسباب هو الذي يقدّرها ويهيئها للعبد.
إن الله تعالى يقول:{خُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً}[النساء:٢٨] قال ابن القيم في طريق الهجرتين: فإنه -أي: الإنسان- ضعيف البنية ضعيف القوة ضعيف الإرادة ضعيف العلم ضعيف الصبر، والآفات إليه مع هذا الضعف أسرع من السيل في صيّب الحدور، فبالاضطرار لا بد له من حافظ معين يقويه ويعينه وينصره ويساعده، فإن تخلى عنه هذا المساعد المعين فالهلاك أقرب إليه من نفسه إلى آخر كلامه.
إذاً: فلنتعلم هذا الحديث كما أوصى صلى الله عليه وسلم، فإن فيه خضوعاً وخشوعاً لله فيه اعتراف بالعبودية والذل لله فيه توسل واستغاثة بجميع أسماء الله ما يُعرف منها وما لا يُعرف، ما كتب وما أخفى.
وأبشر أخي الحبيب! فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) كما في صحيح البخاري وصحيح مسلم.
يا صاحب الهم! إن الهم منفرج أبشر بخير فإن الفارج الله
إذا بليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله