سادس عشر: من آثار التوحيد: شعور النفس الموحدة بمعية الله عز وجل.
قال ابن القيم في الفوائد: فإن قلت بأي شيء أستعين على التجرد من الطمع والفزع؟ قلت: بالتوحيد والتوكل على الله والثقة بالله، وعلمك بأنه لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يذهب بالسيئات إلا هو، وأن الأمر كله لله ليس لأحد مع الله شيء.
وقال جل وعلا في الحديث القدسي:(من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضته عليه، وما زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) فأي فضل يناله صاحب التوحيد؟ فالله معه يحفظه وينصره ويدافع عنه، مما يزيده قوةً وشجاعة وإقبالاً على الله عز وجل.
وابن رجب في رسالته الجميلة الإخلاص قال كلاماً جميلاً فاسمعوه: من صدق في قول لا إله إلا الله، ولم يحب سواه، ولم يرج سواه، ولم يخش أحداً إلا الله، ولم يتوكل إلا على الله، ولم يبق له بقيةً من آثار نفسه وهواه، ومع هذا فلا تظن أن المحب مطالب بالعصمة، وإنما هو مطالب كلما زل أن يتلافى تلك الوسمة.