وأخيراً: اعلم -يا أخي بارك الله فيك! - أن رقابة الله جل وعلا عليك متنوعة، فلا مفرّ من رقابة الله سبحانه وتعالى.
فرقابة الله تكون تارة بالملائكة، ولذلك قال سبحانه وتعالى:{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ}[الانفطار:١٠-١١] .
وتارة تكون بالكتب، فقال سبحانه وتعالى:{وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً}[الإسراء:١٣] .
وتارة تكون هذه الرقابة بالجوارح، تلك الجوارح التي تسعى أنت إلى إنعامها، وإلى تلبية رغباتها وشهواتها، يوم القيامة تكون شاهدة عليك، يقول سبحانه وتعالى:{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النور:٢٤] .
ورقابة الأرض التي أنت تعصي الله عليها، وتمشي عليها، يوم أن تشهد عليك هذه الأرض كما ذكر ذلك أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عندما قال:(قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الزلزلة، فلما وصل إلى قوله تعالى:{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}[الزلزلة:٤] قال لأصحابه: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم! قال: فإن أخبارها يوم أن تشهد على كل عبد وأمة ماذا عمل على ظهرها، تقول: عمل عليّ يوم كذا، كذا وكذا، فهذه أخبارها) والحديث أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب.
وأخرجه الحاكم وصححه، وتعقبه الذهبي بأن فيه يحيى بن سليمان وهو منكر، وقد ضعفه الألباني في ضعيف الترمذي.
إذاً: فهذه الرقابة رقابة متنوعة، فأين المفر -يا أخي الحبيب! - من رقابة الله جلّ وعلا عليك؟! وبما أنك علمت يقيناً أن الله رقيب عليك، مطلع عليك في أي حال، فاستح من الله، واجعل الله جل وعلا عظيماً في قلبك في كل لحظة.