يا طالب العلم! إن طلب العلم ليس غاية لذاته مع فضله، بل هو وسيلة للعمل وتربية النفس وحسن الصلة بالله، وإلا ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:(اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع) ؟! وما معنى أن يُسأل المرء عن علمه: ماذا عمل به؟! فاسأل نفسك -يا رعاك الله! - هل نفعك علمك أم لا؟! هل عملت بعلمك أم لا؟! وانظر إلى قلبك ولسانك فأنت أعلم بحالك.
قيل لـ مالك: ما تقول في طلب العلم؟ قال: حسن جميل، ولكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح إلى أن تمسي فالزمه.
كان صلى الله عليه وسلم يؤصل العقيدة ويدعو إلى التوحيد ثلاث عشر سنة، لكنه كان موصولاً بربه ليل نهار، يراقب الله في حركاته وسكناته، يذكره في غدواته وروحاته، كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، كان شديد الخشية لمولاه، كان يبكي حتى تتبلل لحيته من الدموع، كان حليماً يحب العفو والصفح، كان متواضعاً يسمع الكبير والصغير والغني والفقير، كان أجود الناس في البذل والعطاء باختصار:(كان خلقه القرآن) بأبي هو وأمي صلى الله عليه وآله وسلم.
كل ذلك وهو يؤصل العقيدة ويدعو إلى التوحيد، فأين نحن من ذلك أيها المحب؟!