[استقبال شهر رمضان]
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: أيها الأحبة في الله! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالأمس القريب ذرفت عيون الصالحين دموع الحزن على فراق رمضان، وها هي اليوم تستقبله بدموع الفرح.
وكأني بك أيها الأخ الحبيب! تطلق العبرات والزفرات والدعوات لعلك أن تكون من أهل هذا الشهر وممن يمتن الله عليهم بصيامه وقيامه، نسأل الله عز وجل أن نكون من أهل رمضان، وممن امتن الله عز وجل عليهم بقيامه وصيامه، وأن يوفقنا للخير والصلاح والفلاح فيه.
قلوب المتقين إلى هذا الشهر تحن، ومن ألم فراقه تئن.
وما ضاع من أيامنا هل يقوم فهيهات والأزمان كيف تقوم
ويوم بأرواح يباع ويشترى وأيام وقت لا تسام بدرهم
وعلى كل حال:
فأهلاً وسهلاً بشهر الصيام يسل من النفس أضغانها
وأهلاً وسهلاً بشهر الصيام ينقي عن النفس أدرانها
رمضان له طعم خاص، وحديثه يجلو القلوب، ومحطة خاصة، وشعور غريب لا يشعر به إلا المحبون العاشقون لهذا الشهر، وما فيه من الخير العظيم العميم:
رمضان في قلبي همائم نشوة من قبل رؤية وجهك الوضاء
وعلى فمي طعم أحس بأنه من طعم تلك الجنة الخضراء
قالوا بأنك قادم فتهللت بالبشر أوجهنا وبالخيلاء
تهفو إليه وفي القلوب وفي النهى شوق لمقدمه وحسن رجاء
كل هذا الشوق، وكل هذا الحنين، وكل هذه المشاعر والعواطف، ومع ذلك هناك من يفرط في رمضان، ويخسر فضله وأجره -والعياذ بالله- وربما لم يشعر ذلك الخاسر بلذة الصيام والقيام، ولا يعرف من رمضان إلا الجوع والعطش، فأي حرمان بعد هذا الحرمان! نعوذ بالله من الخسران.