سابعاً: الحزم والجد في الأمور: فإن الموحد جاد حازم؛ لأنه عرف هدفه، وعرف لماذا خلق، وما المطلوب منه، وهو توحيد الله والدعوة إليه، فلذلك حرص على عمره، فاستغل كل يوم وشهر، بل والله استغل كل ساعة في عمره، فلا يفوت فرصة للعمل الصالح إلا واستغلها، ولا يفوت شيئاً فيه رجاء لثواب الله إلا وحرص عليه، ولا يرى موقع إثمٍ إلا وابتعد عنه خوفاً من العقاب؛ لأنه يعلم أن من أسس التوحيد الإيمان بالبعث والجزاء على الأعمال، والله عز وجل يقول:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:١٣٢] وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الغاية -أي: على الحزم والجد والقوة- فقال صلى الله عليه وسلم:(المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) أخرجه مسلم في صحيحه.
لكن شتان بين المؤمن الجاد الحازم الذي يستغل اللحظات، ويقضي العمر في رضا الله والعمل الصالح، وبين المؤمن الضعيف الذي يصارع النفس والشهوات ومغريات الحياة، نعم.
ابتلي الكثير من المسلمين اليوم -بل حتى من الصالحين- بمصارعة النفس والشهوات، هكذا المؤمن بين أمرين: بين رضا الله وثوابه، وبين الدنيا وشهواتها، وتنبهوا: فكلما ضعف أحدهما قوي الآخر واشتد.
أيها الموحد! كن جاداً حازماً، فأنت صاحب عقيدة تحمل همها في الليل والنهار، واليقظة والمنام، هكذا المسلم إن حزن فللتوحيد، وإن ابتسم فلتوحيده، وإن حب فلعقديته، وإن أبغض فلعقيدته، وإن ذهب وجاء فلها، حياته كلها جد وعمل، فهي وقف لله تعالى.