اختلف الرواة في كيفية ظهور البلوت في الحجاز، غير أن أكثر الروايات تشير إلى أنه ظهر في النصف الثاني من القرن الهجري الماضي، أي: في نهاية العهد العثماني، وفي أواخر أيام حكم الأشراف الذين حكموا الحجاز وما جاورها.
ويعتقد أنها لعبة أوروبية وصلت إلى الحجاز عن طريق الهند بما كانت تمثله العلاقة بين البيوت التجارية في مدينتي مكة وجدة وبين الهند.
ونلاحظ في مسميات ومصطلحات البلوت، والتي لا تزال تستعمل حتى الآن بعض الكلمات الإنجليزية والفرنسية، غير أن الشيخ أبا تراب الظاهري العلامة المؤرخ المعروف يتحفظ على هذا الرأي ويقول: إن ورق اللعب -ومن ضمنه لعبة البلوت- ترجع أصولها إلى الهند شكلاً ومضموناً، والدليل على ذلك أن أسماء أنواع الورق:(الكالة، والشيرية، واللال، والشوكت) كلمات كلها هندية الأصل، وقد لاقت هذه اللعبة -وللأسف- رواجاً كبيراً، وطغت على بقية الألعاب الأخرى التي كانت سائدة آنذاك، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه كما تسمعون وترون بأعينكم.
ومن العجائب أن القصائد لم تسلم من البلوت، ولذلك أسوق لكم على سبيل الطرفة هذه القصيدة التي جاءت على لسان أحد اللاعبين، قبل الدخول في الموضوع.
يقول هذا الشاعر -إن صحت تسميته شاعراً- يقول:
يا لا عب الصن هذا كشفكم جاري لكم عليكم ولا داع لسمسار
فاختر رفيقك حريفاً وكن يقظاً إن قيل حكماً فخذه صناً بإجبار
وخل بالك من تنفير صاحبكم أعطيه مطلوبه حتماً بإصرار
ولا يفوتك أن تنسى الصر أبداً من الشرارة تأتي شعلة النار
أما إذا قيل أربعمائة حصلت من الغريم فخذ بشتك ورح جاري
وإن غلبتم فلا داع لشوشرة فالوقت لا يحتمل تصنيف أعذار